الشيخ مهدي المصلّي
تتدفّق الصور في قصيدة المصلّي ببراءة إبداعية متصاعدة في الكشف عن أحداث ليلة عاشوراء ، فهو حريص على التسجيل والتوثيق لكن عبر عينيه المفتوحتين على ماوراء الظاهر والسطحي والمألوف لنشاركه كشوفه وارتياداته لدروب الحقيقية والمصير البشري عبر ليلة نوعية في حسابه لليالي التي مرّت ولا زالت تمرّ وستبقى تمرّ كاشفة لنا بؤس المصير لغير المرتبطين بسموّ الحقائق المطلقة ، السائرين في متاهات السراب والخواء والجدب ، فنرى المصلّي صدّاحاً بما تجلوه الليلة من ضميره :
وتُرينا الإنسان يسمو على النجم |
|
مناراً ورجلُه في الرمال |
مع إرتباطه بما هو أرضي فهو متطلّعٌ إلى السمو والتحليق بروحه في سماوات الوجود الحق ، فهكذا الإنسان المتكامل.
والمصلّي مع معانقته لجلال الأفكار السامية فهو لا يعدم وسيلة إلى طرحها بمعادلاتها الشعرية الوجدانية المصوّرة ، حتى أنه يقارب المتن التاريخي بصور شفّافة وتكوينات بصرية برّاقة فنراه يقول عن الوصف التاريخي لعبادة الأصحاب ( دويّ النحل ) :
فى دويٍّ كالنهر يملؤه التسبيح |
|
ينساب من ربى شلال |
فهو يفكّك الوثيقة التاريخية ليعيد إنتاجها وفق ما تريد شاعريته لكن ضمن الإطار الدلالي العام الذي لا يعوم بعيداً عن ضفاف التوصيل وربما خرج علينا بحلّة