شاعرية محضة ليُنطِق الشخصيات التأريخية بما يخطر لتأملاته أن تقول فنراه يُنطِق الأصحاب بما يحسّه هو :
وسنبقى حول الحسين سياجاً |
|
من قلوب لا من سيوفٍ صقال |
هذا هو التوغل الباحث عمّا هو جوهري وعما وراء الظواهر في تجربة المصلي الشعرية يتجلّى في هذا البيت المنسوج بكل الأدوات الممكنة ، فنرى الخروج على التراكيب النمطية التقليدية في بؤرة تركيبة مشعّة على عموم البيت في ( سياجاً من قلوب ) وهذا التركيب حداثيٌّ أدخله المصلي بكل يسر إلى قلب البيت لينظّم دقّاته بنبضٍ متسارع على مستوى المضمون والشكل ، ولنا أن نلاحظ أيضاً ثيمة إيقاعية تقصّدها الشاعر في إستخدامه لحرفين من حروف الصفير الصاخبة هما ( السين والصاد ) فنرى صدر البيت وقد توشّح نُطقاً بثلاثة سينات تموسق الإيقاع المتشابك لبحر الخفيف ببريق لحني أخّاذ في ( وسنبقى حول الحسين سياجاً ) في تعارضٍ ثنائي مع حائين في الوسط متجوّفين كعمق نغمي مستقر في ( حول الحسين ) لننتهي إلى قفلةٍ مطربة تسبق جرس حرف الروي من القافية عندما إشتبكت السين في ( سيوف ) مع الصاد في ( صقال ) بصفير متقابل لا يُوفّق له إلا ذو حظّ عظيم من الشاعرية التي تستوعب وتشمل ، وأراني منساقاً إلى إبداء أكثر من الإعجاب بهذه الشاعرية الفذّة التي سيكون لها شأن عندما تنفتح بشكل أكثر عمقاً على التجارب الشعرية الأخرى وأختم إنطباعاتي ببيت آخر للشاعر بلا تعليق :
رايةٌ قلبها الحسين تشقّ |
|
الحشر شقّاً إلى عظيم النوال |