السيد مهند جمال الدين
في قصيدة ( الليل ورفيقه ) يبدو مهند جمال الدين وريثاً كفوءاً لتجربة أبيه الشاعر الدكتور مصطفى جمال الدين إلى حد الإقتراب من التطابق رؤىً وتأملاً وأدوات .. جزالة لفظ .. وتصورات مشرقة وبناء منتظماً بكل مميّزات قصيدة مصطفى جمال الدين العاشقة الولهى التي تناغم إشراقات النَفَس العباسي الأصيل في استخدام معاصر للمفردات واستصحاب للتراكيب المتقدمة زمنياً وتفوق في إختيار موقعٍ مغاير للإطلالة المتأملة على جوّ القصيدة وحدودها وآفاقها وتحوّلاتها وتطلعاتها.
إن هذه القصيدة تخيّرت الإصطفاف والإنضمام إلى طابور طويل يقف فيه شعراء العمود مدافعين بصرامة واستبسال عن ماء وجه القصيدة العربية الذي تأكّله جذام النظم الرديء والتنميط المسطّح لكل خواء روحي مصبوب في قالب الوزن ومجترّات القوافي المقحمة.
على أني رأيت أخيراً في نتاج السيد مهند جمال الدين تطلّعاً مختلفاً عن الإتّباعية والإحتذاء بالمثال في بواكيره على الرغم من إخلاصه ووفائه في هذه القصيدة لكي يكون صدى وترجيعاً حتى في إختياره لبحر الكامل دون البحور الاُخرى ( والذي يشكل ثلث شعر السيد مصطفى جمال الدين المنشور ) أو تطعيمه لقصيدته بصيغ بنائية تخصّ المرحوم والده كصيغة ( حتى إذا ) التي لا تكاد تخلو قصيدة من قصائد المرحوم الشاعر مصطفى جمال الدين منها فنرى عند مهند :
حتى إذا إقتربت إليه غادةٌ |
|
حسناء تضرم في الدماء حريقا |