كَالأسود الضاريةِ ، فقالَ لبني هاشم : ارجعوا إلى مقركم لا سهرتْ عُيونُكُمْ.
ثُّم التفتَ إلى أصحابه وحَكى لهم ما شَاهدَهُ وسمعَهُ نافعٌ ، فقالوا بأجمعِهِم : والله الذي مَنَّ عَلينا بهذا الموقفِ لولا انتظارُ أمره لعاجلناهم بسيوفِنا الساعة ! فَطبْ نَفساً وَقرَّ عَيناً فجزاهُمْ خيراً.
وَقال : هَلمّوا معي لنواجه النسوةَ ونُطيبَ خَاطرَهُنَّ ، فجاءَ حبيبُ وَمعُه أصحابه وَصاحَ : يا معشرَ حرائرِ رسولِ اللهِ هذه صوارمُ فتيانِكُمْ آلوا ألا يغمدوها إلا في رقابِ مَنْ يُريدُ السوء فيكُمْ ، وَهذهِ أسنة غلمانِكُمْ أقسَموا ألا يَركزوها إلا في صُدورِ مَنْ يُفرّق نَاديكم.
فَخرجن النساء إليهم ببكاءٍ وعويلٍ وَقلن أيها الطيبون حاموا عن بناتِ رسولِ اللهِ صلىاللهعليهوآله وحرائرِ أمير المؤمنين عليهالسلام.
فضجّ القومُ بالبكاءِ حتى كأنَّ الأرض تَميد بهم (١).
ولقد اجاد الصّحَيّح اذ يقول في ذلك :
ووراءَ أروقة الخيام حكايةٌ |
|
اخرى ، تتيه طيوفها بجمالِ |
فهنالك الأسديُّ يبدع صورةً |
|
لفدائه حوريّةَ الأشكال |
ويحاول استنفار شيمة نخبةٍ |
|
زرعوا الفلاة رجولة ومعالي |
نادى بهم والمجد يشهد أنه |
|
نادى بأعظم فاتحين رجال |
فاذا الفضاء مدجّج بصوارمٍ |
|
واذا التراب ملغمٌ بعوالي |
ومشى بهم أسداً يقود وراءه |
|
نحو الخلود كتيبة الأشبال |
__________________
(١) مقتل الحسين للمقرم : ص ٢١٨ ـ ٢١٩ ، معالي السبطين : ج ١ ، ص ٣٤٤ ـ ٣٤٦ ، الدمعة الساكبة : ج ٤ ، ص ٢٧٣ ـ ٢٧٤ ، بتفاوت.