فحسب سيدنا المهديّ أنّه أخذ ذلك عن أحد العلماء ، لأنّه كان من (عوام) السادة ، وأين هو من الاطلاع على الرجال والحديث؟! فأغفل عنه ، ونهض للفحص عن الفجر ، وخرج العلوي من عنده ، ثم أدّى فريضة الصبح ، وجلس للتعقيب حتى مطلع الشمس ، ثم راجع كتب الرجال فوجد الأمر كما وصفه الشريف الداخل عليه قبيل الفجر.
ثم ازدلف أهل القرية مسلّمين عليه ، وفيهم العلويّ ، المشار إليه ، فسأله السيد المهديّ عن دخوله عليه قبيل الفجر ، وإخباره إيّاه عن المشهد ، وصاحبه عمّن أخذه ، ومن أين لك ذلك؟ فحلف العلويّ بالله أنّه لم يأته قبل الفجر ، وأنّه كان بائتا خارج القرية في مكان سمّاه ، وأنه سمع بقدوم سيدنا المهدي فجاءه زائرا في وقته ، وأنه لم يره قبل ساعته تلك!
فنهض السيّد من فوره ، وركب لزيارة المشهد الشريف ، وقال وجبت الآن عليّ زيارته ، وإني لا أشكّ أنّ الداخل عليّ هو الإمام الحجّة (صلوات الله عليه).
وركب الطريق معه أهل المزيديّة. ومن يومئذ اشتهر المرقد الشريف بالاعتبار والثبوت ، وازدلفت الإمامية إلى زيارته ، والتبرك به ، والاستشفاع به إلى الله.
أخذنا هذا النبأ العظيم من كتاب (جنة المأوى) للعلّامة المحدّث النوري (رحمهالله) ملخّصا.
وبعد ذلك نصّ به سيدنا المهديّ ـ قدّس الله سرّه ـ في «فلك النجاة» ، وتبعه من بعده ؛ كالعلّامة النوري في «تحية الزائر» ، والحاج المولى هاشم الخراساني في «منتخب التواريخ» ، والعلّامة المامقاني في «تنقيح المقال» ، وشيخنا المحدّث القمي في «الكنى والألقاب» ، وغير هؤلاء (قدّس الله أسرارهم) (١).
__________________
(١) الأردوبادي ، المثل الأعلى في ترجمة أبي يعلى ، ص ٤٣.