الخزاعي عن ابن مناذر الشّاعر. قال : دخل سليمان بن المنصور على محمّد الأمين فرفع إليه أن أبان واس هجاه ، وأنه زنديق كافر حلال الدم. وأنشده من أشعاره المنكرة أبياتا فقال : يا عم! اقتله بعد قوله :
أهدى الثّناء إلى الأمين محمّد |
|
ما بعده بتجارة متربّص |
صدق الثّناء على الأمين محمّد |
|
ومن الثّناء تكذّب وتخرّص |
قد ينقص القمر المنير إذا استوى |
|
وبهاء نور محمّد لا ينقص |
وإذا بنو المنصور عدّ حصاهم |
|
فمحمّد ياقوتها المتخلّص |
فغضب سليمان. وقال : والله لو شكوت من عبد الله ـ يعنى ابن الأمين ـ ما شكوت من هذا الكافر لوجب أن تعاقبه. فكيف منه! فقال : يا عم فكيف أعمل بقوله :
قد أصبح الملك بالمنى ظفرا |
|
كأنّما كان عاشقا قدرا |
قيّد أشطانه إلى ملك |
|
ما عشق الملك قبله بشرا |
حسبك وجه الأمين من قمر |
|
إذا طوى اللّيل دونك القمرا |
خليفة يعتني بأمّته |
|
وإن أتته ذنوبها اغتفرا |
حتّى لو اسطاع من محبّته |
|
دافع عنها القضاء والقدرا |
فازداد سليمان غضبا. فقال : يا عم كيف أعمل بقوله :
يا كثير النّوح في الدّمن |
|
لا عليها بل على السّكن |
سنّة العشّاق واحدة |
|
فإذا أحببت فاستكن |
ظنّ بي من قد كلفت به |
|
فهو يجفوني على الظّنن |
بات لا يعنيه ما لقيت |
|
عين ممنوع من الوسن |
رشأ لو لا ملاحته |
|
خلت الدّنيا من الفتن |
فاسقني كأسا على عذل |
|
كرهت مسموعه أذني |
من كميت اللّون صافية |
|
خير ما سلسلت في بدن |
ما استقرّت في فؤاد فتى |
|
فدرى ما لوعة الحزن |
مزجت من صوب غادية |
|
حلّلتها الرّيح من مزن |
تضحك الدّنيا إلى ملك |
|
قام بالآثار والسّنن |
يا أمين الله عش أبدا |
|
دم إلى الأيّام والزّمن |
أنت تبقى والفناء لنا |
|
فإذا أفنيتنا فكن |
سنّ للناس النّدى فندوا |
|
فكأنّ البخل لم يكن |