قال : فدخلت عليه فقلت له : أسألك أو تسألنى؟ فقال لي : يا بنى ما أفعله بمشايخك؟ فقلت له : دع عنك هذا واختر ، إما أن تسألنى ، أو أسألك. قال : بل أسألك ، خبرني ، أليس موسى نبيّا من أنبياء الله قد صحت نبوته ، وثبت دليله ، تقر بهذا أو تجحده فتخاف صاحبك؟! فقلت له : إن الذي سألتنى عنه من أمر موسى عندي على أمرين ، أحدهما أنى أقر بنبوة موسى الذي أخبر بصحة نبوة نبينا ، وأمر باتباعه ، وبشّر به وبنبوته ، فإن كان عن هذا تسألنى فأنا مقر بنبوته ، وإن كان موسى الذي تسألنى عنه لا يقر بنبوة نبينا محمّد صلىاللهعليهوسلم ولم يأمر باتباعه ولا بشّر به ، فلست أعرفه ولا أقر بنبوته بل هو عندي شيطان يحرق. فتحير لما ورد عليه ما قلته له وقال لي : فما تقول في التوراة؟ قلت : أمر التوراة أيضا على وجهين ، إن كانت التوراة [التي] (١) أنزلت على موسى النبي الذي أقر بنبوة نبيي محمّد فهي التوراة الحق ، وإن كانت أنزلت على الذي تدعيه فهي باطل غير حق وأنا فغير مصدق بها فقال لي : أحتاج إلى أن أقول لك شيئا بيني وبينك فظننت أنه يقول شيئا من الخير فتقدمت إليه ، فسارني فقال : أمك كذا وكذا ، وأم من علمك ، لا يكنى. وقدر أنى أثب به فيقول : وثبوا بى وشغبوا على ، فأقبلت على من كان بالمجلس فقلت : أعزكم الله ، أليس قد وقفتم على مسألته إياى ، وعلى جواباتى إياه؟ قالوا لي : نعم. فقلت : أليس عليه واجب أن يرد على جوابي؟ قالوا : نعم. قلت لهم؟ فإنه لما سارني شتمني بالشتم الذي يوجب الحد ، وشتم من علمني ، وإنما قدر أن أثب به فيدعى أنا واثبناه وشغبنا عليه ، وقد عرفتكم شأنه بعد انقطاعه. فأخذته الأيدى بالنعال ، فخرج هاربا من البصرة وقد كان له بها دين كثير فتركه ، وخرج هاربا لما لحقه من الانقطاع.
أخبرني على بن أيّوب القمي حدّثنا محمّد بن عمران بن موسى الكاتب حدّثنا محمّد بن العبّاس حدّثنا محمّد بن يزيد النحوي عن الجاحظ. قال : لقى اللصوص قوما فيهم أبو الهذيل فصاحوا وقالوا : ذهبت ثيابنا. قال : ولم؟ كلوا الحجة إلى ، فو الله لا أخذوها أبدا ، قال : وظن أنهم خوارج يأخذون بمناظرة ، فقالوا أنهم لصوص يأخذون الثياب بلا حجة. فقال : ذهبت الثياب والله.
حدّثنا أبو منصور محمّد بن عيسى بن عبد العزيز البزّاز بهمذان حدّثنا محمّد بن جعفر بن هارون التّميمى بالكوفة حدّثنا أبو الحسن الواقصى حدّثنا أبو الحسن أحمد
__________________
(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.