وكان ثقة فاضلا. روى عنه أبو بكر الأبهرى الفقيه ، وأبو الحسن الدّارقطنيّ ، ويوسف بن عمر القواس ، وأبو القاسم بن حبابة ، وغيرهم.
قرأت على الحسن بن أبي بكر عن أحمد بن كامل القاضي. قال : أبو عمر القاضي ، كان مولده بالبصرة لتسع خلون من رجب سنة ثلاث وأربعين ومائتين.
أخبرني أبو القاسم الأزهرى حدّثنا أحمد بن إبراهيم حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن عرفة. قال : وفي هذه السنة ـ يعنى سنة أربع وثمانين ومائتين ـ ولى أبو عمر محمّد ابن يوسف قضاء مدينة المنصور ، والأعمال المتصلة بها ، والقضاء بين أهل بزرج سابور ، والراذانين ، وسكرود ، وقطربل ، وجلس في المسجد الجامع بالمدينة. وأبو عمر محمّد بن يوسف في الحكام لا نظير له عقلا ، وحلما وذكاء ، وتمكنا واستيفاء للمعاني الكثيرة باللفظ اليسير ، مع معرفته باقدار الناس ومواضعهم ، وحسن التأنى في الأحكام ، والحفظ لما يجرى على يده.
حدّثنا على بن المحسن حدّثنا طلحة بن محمّد بن جعفر الشّاهد. قال : أبو عمر محمّد بن يوسف من تصفح أخبار الناس لم يخف عليه موضعه ، وإذا بالغنا في وصفه كنا إلى التقصير فيما نذكره من ذلك أقرب ، ومن سعادة جده أن المثل ضرب بعقله وحلمه ، وانتشر على لسان الخطير والحقير ذكر فضله ، حتى إن الإنسان كان إذا بالغ في وصف رجل. قال : كأنه أبو عمر القاضي! وإذا امتلأ الإنسان غيظا. قال : لو أنى أبو عمر القاضي ما صبرت. سوى ما انضاف إلى ذلك من الجلالة ، والرئاسة ، والصبر على المكاره ، واحتمال كل جريرة إن لحقته من عدوه ، وغلط إن جرى من صديقه ، وتعطفه بالإحسان إلى الكبير والصغير ، واصطناع المعروف عند الداني والقاصي ، ومداراته للنظير والتابع ، ولم يزل على طول الزمان يزداد جلالة ونبلا ، ثم استخلف لأبيه يوسف على القضاء بالجانب الشرقي ، فكان يحكم بين أهل مدينة المنصور رئاسة ، وبين أهل الجانب الشرقي خلافة ، إلى سنة اثنتين وتسعين ومائتين ، فإن أبا حازم توفى ـ وكان قاضيا على الكرخ أعنى الشرقية ـ فنقل أبو عمر عن مدينة المنصور إلى قضاء الشرقية ، فكان على ذلك إلى سنة ست وتسعين ومائتين ، ثم صرف هو ووالده يوسف عن جميع ما كان إليهما ، وتوفى والده سنة سبع وتسعين ومائتين ، وما زال أبو عمر ملازما لمنزله إلى سنة إحدى وثلاثمائة ، فإن أبا الحسن على بن عيسى تقلد الوزارة ، فأشار على المقتدر به ، فرضي عنه ، وقلده الجانب الشرقي والشرقية