مخلد الباقر حتى مع جماعة سنة تسع وستين فأخذه وتأمله وردّه علي وقال : لا أحدث به ، فقلت له : أيش العلة في ذلك؟ فقال : هو سماعي صحيح والجماعة الذين سمعوا معي أعرف غير أني لست أثبت الشيخ ولم يحدث به ، وقال لي : أول ما كتبت الحديث بيدي سنة سبعين وثلاثمائة ، قال أبو الفضل المعدل : وحدثت أن بعض أصحاب الحديث جاءه بجزء فيه سماعه من أبي الفضل الشيباني ليسمعه منه فلم يسمعه إياه ، فقال : يقال عنه إنه رافضي ومبتدع لا أحدث عنه.
قال : وقال أخي ، حدّثني أحمد بن محمّد بن أحمد الأمين (١) قال : كتبت عن أبي الحسن القزويني مجالس إملاء (٢) في مسجده ، فما كان يخرّج المجلس لنفسه عن شيوخه ولا يدع أحدا يخرجه له إنّما كان يدخل إلى منزله أي جزء وقع بيده خرّج وأملى منه عن شيخ واحد جميع المجلس ، ويقول : حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا ينتقى (٣).
سمعت أبا البركات عبد الوهاب بن المبارك يحكي عن بعض شيوخه : أن أبا عبد الله الصوري جاء إلى أبي الحسن بن القزويني بجزء فيه اسم يوافق اسمه في تاريخ كان يسمع فيه الحديث ، فقال ابن القزويني : ليس هذا الجزء سماعي ، ولم أسمع من هذا الشيخ ، فقال له الصوري : هذا أيضا من باب الكرامات ، فقال : لم أسمع من هذا الشيخ ، فتأمل بعض تلك الأجزاء ، فوجد فيه أنه سمع بمصر ، فقال : أنا لم أدخل مصر قط ، أو كما قال ، سمعت ببغداد من يحكي عن من أدرك من البغداديين.
أن رجلا أصابته جنابة من الليل ونسي أن يغتسل فدخل إلى مسجد ابن القزويني ليصلي خلفه الصبح ، فقرأ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ)(٤) وكان قبل ذلك قد قرأ غير هذه الآية ، فلم يفطن الرجل ، فأعاد قراءتها ففهم ، فخرج ليغتسل ، وعاد ابن القزويني إلى الموضع الذي انتهى إليه من القراءة ، أو كما قال.
أخبرنا أبو منصور بن خيرون ، قالا (٥) : قال : أنا ـ وأبو الحسن بن سعيد [نا ـ أبو
__________________
(١) رواه الذهبي في سير أعلام النبلاء ٧ / ٦١١ وانظر طبقات الشافعية للسبكي ٥ / ٢٦١.
(٢) في سير أعلام النبلاء : أملاها في مسجده.
(٣) كذا بالأصل وطبقات الشافعية وفي سير أعلام النبلاء : لا ينفى.
(٤) سورة النساء ، الآية : ٤٣.
(٥) كذا بالأصل.