وأخبرنا أبو بكر ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا عبد العزيز بن جعفر ، نا يحيى بن صاعد ، نا يوسف بن سعيد المصّيصي ، نا عمارة بن بشر سنة مائتين فذكر حديثا.
٥١٢٨ ـ عمارة بن تميم (١) اللّخمي ، ويقال : القتبي
وفد على عبد الملك مع الحجاج بن يوسف ، وولّاه فلسطين ، وكان من عقلاء العرب ، وولي سجستان للحجاج.
ذكر أبو محمّد بن زبر فيما نقلته من كتاب ابنه أبي سليمان قال : وأنا أحمد بن عبد الله عن المدائني قال :
كان الحجاج رجلا حسودا لا يتم له صنيعة حتى يكدرها أو يفسدها ، فلما وجّه عمارة بن تميم اللّخمي إلى ابن الأشعث ومعه محمّد بن الحجّاج بالفتح فحسده الحجاج وعرف عمارة ذلك منه ، وكره منافرته ، وكان عاقلا ، فجعل يداريه ويقول : أنت والله ـ أصلح الله الأمير ـ أشرف العرب من شرّفته شرف ، ومن وضعته اتضع ، وما من العرب أحد ينكر أنّ شرفه وسؤدده بك وإنما كان الذي كان من الفتح بيمينك وبركتك ومشورتك وتدبيرك ، وليس أحد أشكر لبلائك مني ، فلما عزم الحجاج على الوفادة إلى عبد الملك أخرج معه عمارة بن تميم ، فلما يزل عمارة يلطف الحجاج في مسيره ، ويعظمه حتى قدموا على عبد الملك ، فقامت الخطباء بين يدي عبد الملك في أمر الفتح ، ثم قام عمارة فقال : سل الحجاج عني يا أمير المؤمنين ، وعن طاعتي وبلائي ، فقال الحجاج : من بأسه يا أمير المؤمنين وعنائه ونجدته ومكيدته ، أيمن الناس نقيبة ، وأرفعهم تدبيرا وسياسة ، وجعل يقرظه ولا يترك ، فقال عمارة : أرضيت يا أمير المؤمنين؟ قال : نعم ، فرضي الله عنك ، قال عمارة : فلا رضي الله عن الحجّاج ولا عافاه ، فهو والله الأخرق السيّئ التدبير ، الذي أفسد عليك العراق خرقه ، وقلة عقله ، وضعف رأيه ، ولك والله يا أمير المؤمنين أمثالها إن لم تعزله ، فقال الحجاج : مه يا عمارة ، فقال : لا مه ولا كرامة ، يا أمير المؤمنين كل امرأة له طالق ، وكلّ مملوك له حرّ إن سار تحت راية الحجاج أبدا ، قال عبد الملك : ما عندنا أوسع لك ، فلمّا انصرف
__________________
(١) بالأصل هنا : «نعيم» والمثبت عن المختصر ، وتاريخ خليفة بن خيّاط.