عاش كان له شأن ، فكان كما تفرّس فيه ـ رحمهالله ـ ودرّس في حلقته في الجامع مدة ، ثم ولي المدرسة الأمينية (١) سنة أربع عشرة وخمسمائة (٢) ، ولم يزل يدرس بها إلى أن مات.
سمعنا منه الكثير ، وكان ثقة ثبتا عالما بالمذهب ، والفرائض ، يتكلم في مسائل الخلاف ، ويكثر من إيراد الأحكام وكان قد حفظ كتاب «تجريد التجريد» الذي صنفه أبو حاتم القزويني (٣) ، وكان حسن الخط ، موفقا في الفتاوى ، وعلى فتاويه كان اعتماد أهل الشام ، واشتهر ذكره في العراق اشتهارا كثيرا حتى كانت تأتيه الفتاوى منها ، وكان مواظبا على قضاء الحقوق من حضور عقود الأنكحة ، وعيادة المرضى ، وشهود الجنائز ، مثابرا على التدريس والإفادة ، محبا للرواية ونشر الحديث ، محببا إلى أصحابه لحسن خلقه ، وجميل طريقته وله مصنفات في الفقه والفرائض ، والتفسير ، أكبرها كتاب سمّاه «الاستغناء في المذهب» ، مات قبل أن يتمه وكتاب في التفسير سمّاه : «التجريد في تفسير القرآن المجيد» ، مات ولم يتمه ، وكان يعقد مجلس التذكير ويورد فيه إيرادا كثيرا ، ويذكر أشياء مستحسنة مستفادة ، ويظهر السنّة ويردّ على من أنكر الحقّ ـ رحمة الله عليه ورضوانه ـ فإنّه لم يخلف بعده مثله (٤).
أخبرنا أبو الحسن الفقيه الشافعي ، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو بكر ، أنا أبو الدحداح أحمد بن محمّد بن إسماعيل التّميمي ، نا أبو عبد الله عبد الوهّاب بن عبد الرحيم الجوبري ، نا سفيان بن عيينة الهلالي ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيّب.
أن عمر كان يقول : الدية للعاقلة ، ولا ترث المرأة من دية زوجها شيئا حتى أخبره الضحاك بن سفيان الكلابي : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها ، فرجع عنه عمر [٩١٦٩].
أخبرنا أبو الحسن أيضا ، أنا أبو نصر الحسين بن محمّد بن طلّاب الخطيب ،
__________________
(١) بناها بدمشق ، أمين الدين كمشتكين بن عبد الله الطغتكي وهي مدرسة للشافعية.
(٢) سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٢.
(٣) هو محمود بن حسن الطبري القزويني الشافعي ، أبو حاتم ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٨ / ١٢٨.
(٤) طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٧ / ٢٣٦ وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٣.