بلغني أنه ولد سنة سبع وثمانين وأربعمائة بشيزر (١).
سمع الحديث ببغداد من أبي بكر محمّد بن عبد الباقي ، وأبي القاسم بن السمرقندي ، وكتب الحديث بخط حسن ، وكان فهما شاعرا ، قدم دمشق غير مرة ، وحضر عندي في سماع بعض كتاب دلائل النبوة ، وكتاب الجهاد لابن المبارك ، ثم خرج إلى عسقلان ، فقتل بها شهيدا ، فمن شعره ما كتب به إلى أخيه أبي المظفر أسامة بن مرشد جوابا عن أبيات وردت منه في صدر كتاب أولها :
أيحمل عنّي الرائحون تحيّة |
|
تضوع كنشر المسك شبيت به الخمر |
فأجابه بهذه الأبيات :
لقد حمل الغادون عنك تحية |
|
إليّ كنشر المسك شبيت به الخمر |
تريد صدى قلبي وإن شئت الصدى |
|
ففي ناظري در وفي كبدي جمر |
فأرجى منها كلّ أرض مرّت بها |
|
ففي كل قطر من أماكنها نشر |
فيا ساكنا قلبي على خفقانه |
|
وطرفي وإن روّاه من أدمعي بحر |
لك الخير همي منذ نأيت مروح |
|
وصبري غريب لا ينهنه الزجر |
ولو رام قلبي سلوة عنك صده |
|
خلائقك الحسنى وأفعالك الغرّ |
صبغت سروري بالهموم فلا أرى |
|
نصولا له يبدو كما ينصل الخطر |
وألبست أيامي من الليل حلّة |
|
فصبحي كليلي ليس بينهما فجر |
وكتب إلى أخيه :
أبى القلب إلّا أن يبيت مكلما |
|
كئيبا على عهد مضى وتصرّما |
فيا ويحه من لاعج الشوق إن بدا |
|
سنا البرق علويا له وتبسّما |
وكم قد رما أيخفى اللسان صبابة |
|
إذا ما لسانا الدمع والوجد ترجما |
خليلي لو فارقتما من هويتما |
|
وشاهدتما يوم النوى ما عزلتما |
عدتني نوى لما اطمأنت تقلقلت |
|
حشاي وأضحى القلب مني مقسّما |
__________________
(١) شيزر بتقديم الزاي على الراء ، وفتح أوله : قلعة تشتمل على كورة بالشام قرب المعرة ، بينها وبين حماة يوم (معجم البلدان).