قال : سمعت سفيان بن عيينة يقول هذه الأبيات ، قال أبو إسحاق : وهي لعمران بن حطان.
قال ابن زبر : وأخبرني بهذا الخبر بطوله أبي رضياللهعنه ، عن الحسن بن علي بن سعيد ، والشعر خاصة عن ابن عيينة قوله (١) :
يا ضربة من تقي ما أراد بها |
|
إلّا ليبلغ من ذي العرش رضوانا |
إني لأذكره حينا وأحسبه |
|
أو في البرية عند الله ميزانا |
أكرم بقوم بطون الطير أقبرهم |
|
لم يخلطوا دينهم بغيا وعدوانا |
قال : فبلغ شعره عبد الملك بن مروان فأدركته الحمية ، فنذر دمه ووضع عليه العيون والرصد ، فلم تحمل عمران أرض حتى أتى روح بن زنباع ، فأقام في ضيافته ، فسأله : ممن أنت؟ فقال : رجل من الأزد ، قال : وكان روح يكون في سمر عبد الملك ، فكان يسامره حتى يذهب الليل ثم يجيء إلى منزله ، فيجد عمران قائما يصلي ، فيدعوه فيحدثه.
وكان عمران يحدث روحا بأحسن ما يكون ، فأعجبه إعجابا شديدا ، فلما كان بعد سنة سمر روح عند عبد الملك فتذاكرا شعر عمران بن حطان هذا ، فلما انصرف روح دعاه كما كان يدعوه يحدثه ، فأخبره بالشعر الذي ذكره عبد الملك ، فأنشده عمران بقية الشعر.
فلما أتى روح عبد الملك قال : يا أمير المؤمنين ، والله إن في ضيافتي رجلا ، ما سمعت منك حديثا قط إلّا حدثني به ، وبأحسن منه ، ولقد أنشدته البارحة البيتين اللذين قالهما ابن حطان في ابن ملجم ، فأنشدني القصيدة كلها. فقال له عبد الملك : صفه لي ، فوصفه ، فقال : إنك لتصف صفة عمران بن حطان أوما لي رأي ، أعرض عليه أن يلقاني ، قال : نعم ، فانصرف روح إلى منزله ، فقال لعمران : إني حدثت أمير المؤمنين أنك أنشدتني القصيدة كلها ، فسألني أن أصفك له ، فوصفتك له ، فقال : هذا ابن حطان ، أعرض عليه أن يلقاني ، قال : معاذ الله ، لست به ، وأنا لاقيه إذا شئت إن شاء الله ، فلما كان من الغد أصبح هاربا ، وكتب إلى روح من زنباع برقعة فيها هذه الأبيات :
__________________
(١) من أبيات يمدح ابن ملجم ، ديوان شعر الخوارج ص ١٦٤ وانظر تخريجها فيه.