أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي بن محمّد بن أحمد ، أنا عبد المحسن بن محمّد ـ من لفظه ـ أنا أبو الحسن علي بن عبيد الله بن محمّد القاضي المعدل ـ بمصر ـ أنا أبو الفتح بن النحوي ، أخبرني محمّد بن محمّد بن صالح ، أخبرني محمّد بن عبد الرّحمن ، حدّثني عبد الله بن آدم ، عن عبد الله بن عبد الرّحمن قال : لقيت غورك (١) المجنون في جماعة الصبيان منصرفا من تشييع الحاج ممن كان بهم به ، وهو يحدّثهم ويلطم خده ويقول : يا إخوتاه ما أحرّ الفراق ، فقلت : يا أبا محمّد من أين أقبلت؟ قال : أقبلت من تشييع الحاج ، فقلت : هل قلت فيهم شيئا؟ قال لي : نعم ، ثم أرمضت عيناه بالبكاء ثم أنشأ يقول :
هم رحلوا يوم الخميس غدية |
|
وودعتهم يوم استقلوا وودعوا |
فلما تولوا ولّت العيس فيهم |
|
فقلت : ارجعوا ، قالوا : إلى أين نرجع |
إلى جسد ما فيه لحم ولا دم |
|
ولا فيه إلّا أعظم تتقعقع |
وعينان قد أعماهما الحبّ بالبكا |
|
وأذنان من طول الجوى ليس تسمع |
ثم تركني ومضى.
كتب إليّ أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن إبراهيم ، ونا عنه أبو بكر الأزدي قال : أبو الحسن علي بن عبيد الله بن محمّد بن إبراهيم الكسائي الهمذاني المدعو بالقاضي ، كان قد جال في طلب الحديث ، روى لنا عن أحمد بن عبدان الحافظ الشيرازي ، وذكر جماعة من مشايخه ثم قال : كتب عنه عبد العزيز النّخشبي وغيره بمصر ، وسمع عليه أبو بكر الأردستاني ، وأبو نصر السّجزي (٢) ـ بمكة ـ وأقرانهما ، وقد أجاز لي ما سمعه ـ رحمهالله ـ على شيوخه.
قرأت على أبي الفضل محمّد بن ناصر قلت له : أجاز لكم أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد الحبّال (٣) قال : سنة خمس وأربعين وأربعمائة أبو الحسن علي بن عبيد الله الهمذاني القاضي الصّوفي في جمادى الأولى ـ يعني مات ـ.
آخر الجزء السادس بعد الخمس مائة من الفرع.
__________________
(١) مهملة بدون إعجام بالأصل ، والمثبت عن عقلاء المجانين لابن حبيب ص ٢٥٥.
(٢) الأصل : الشجري ، تصحيف ، والتصويب عن سير أعلام النبلاء.
(٣) تقرأ بالأصل : الحيال ، والصواب ما أثبت ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٩٥.