أما ترى أنّ عظماء السلف والخلف لم يبق لهم في الأرض أثر مذكور وحفر مشهور يتقرّب الناس إليه نحو فرعون وشدّاد ونمرود وأمثالهم من الأكاسرة والقياصرة والجبابرة من الملوك والسلاطين ، وأمّا أهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوآله فقد امتلأت أقطار الأرض من آثارهم وكلّما تطاولت الدهور زادت مشاهدهم سموّا وذكرها نموّا. ويرى الناس فيها العجائب عيانا ، وهذه سرّ من رأى خربت حتّى ما بقيت فيها عمارة أصلا بعد أن كانت عروس الدنيا ، فلمّا غالب في ثراهما النجمان الإمامان العسكريّان عليهماالسلام طلعت فيها شموس المعرفة بعد أفولها وأخذت في العمارة بعد خرابها ، وسطعت آثار الفخر والشرف من حيطانها بعد زوالها ، وأضاءت الدنيا بأنوارها بعد غروبها ، ولأجل زيارتهما يشدّون الرحال من أقصى بلاد الدنيا إلى سرّ من رأى ، ولا شكّ أنّ المشاهد المتبرّكة لا يقاس بها بقعة من بقاع الدنيا فإنّ البقاع بحذا فيرها عند المشاهد المتبرّكة كالخزف الذي لا قيمة له. أين الثرى من الثريّا والذرّة من الدرّة؟!
عمروا بأطراف البلاد مقابر |
|
إذ خرّبوا من يثرب أوطانا |
قوم لهم في كلّ أرض مشهد |
|
لا بل لهم في كلّ قلب مشهد |
ولقد أجاد شيخنا العلّامة الخبير الشيخ محمّد السماوي يقول في وشايح السرّاء (١) :
قد ذكر التاريخ أنّ ثمانية |
|
قد دفنوا بسامرا علانية |
وهم ذوو السلطة قبل المعتضد |
|
وتلك من معتصم لمعتمد |
فشيدت القباب والمباني |
|
على قبورهم من السلطان |
وزخرفت أبنية الضرائح |
|
لكلّ غاد ناظر ورائح |
__________________
(١) وشايح السرّاء : ٩.