اجتمعوا في قصر جدّي ونصبوا فيه منبرا من نور يباري السماء علوّا وارتفاعا في الموضع الذي كان جدّي نصب فيه عرشه ، فدخل عليهم محمّد صلىاللهعليهوآله مع فتية وعدّة من بنيه فيقوم إليه المسيح فيعتنقه فيقول : يا روح الله ، إنّي جئتك خاطبا من وصيّك شمعون فتاته مليكة لا بني هذا ـ وأومأ بيده إلى أبي محمّد عليهالسلام ابن صاحب هذا الكتاب ـ. فنظر المسيح إلى شمعون فقال له : قد أتاك الشرف ، فصل رحمك برحم رسول الله صلىاللهعليهوآله. قال : قد فعلت ، فصعد ذلك المنبر فخطب محمّد صلىاللهعليهوآله وزوّجني من ابنه وشهد المسيح عليهالسلام وشهد بنو محمّد صلىاللهعليهوآله والحواريّون ، فلمّا استيقظت من نومي أشفقت أن أقصّ هذه الرؤيا على أبي وجدّي مخافة القتل فكنت أسرّها في نفسي ولا أبديها لهم ، وضرب صدري بمحبّة أبي محمّد عليهالسلام حتّى امتنعت من الطعام والشراب ، فضعفت نفسي ودقّ شخصي ومرضت مرضا شديدا فما بقي من مداين الروم طبيب إلّا أحضره جدّي وسأله عن دوائي ، فلمّا برح به اليأس قال : يا قرّة عيني ، فهل يخطر ببالك شهوة فأوردكها في هذه الدنيا؟ فقلت : يا جدّي ، أرى أبواب الفرج عليّ مغلّقة فلو كشفت العذاب عمّن في سجنك من أسارى المسلمين وفككت عنهم الأغلال وتصدّقت عليهم ومنّيتهم الخلاص رجوت أن يهب المسيحى وأمّه لي العافية والشفاء ، فلمّا فعل ذلك جدّي تجلّدت في إظهار الصحّة في بدني وتناولت يسيرا من الطعام ، فسرّ بذلك جدّي وأقبل على إكرام الأسارى وإعزازهم.
فأريت أيضا بعد أربع ليال كأنّ سيّدة النساء عليهاالسلام قد زارتني ومعها مريم بنت عمران وألف من وصائف الجنان ، فتقول لي مريم : هذه سيّدة النساء أمّ زوجك أبي محمّد عليهالسلام ، فتعلّقت بها وأبكي وأشكو إليها امتناع أبي محمّد من زيارتي ، فقالت لي سيّدة النساء : إنّ ابني أبا محمّد لا يزورك وأنت مشركة بالله جلّ ذكره وعلى دين النصارى وهذه أختي مريم تبرأ إلى الله عزوجل من دينك ، فإن ملت إلى رضى الله