ثمّ قال أبو محمّد : يا عمّة ، اذهبي به إلى أمّه ليسلّم عليها وائتني به ، فمضيت به فسلّم عليها ورددته إليه ثمّ وقع بيني وبين أبي محمّد كالحجاب فلم أر سيّدي ، فقلت له : يا سيّدي ، أين مولانا؟ فقال : أخذه منّي من هو أحقّ به منك ، فإذا كان اليوم السابع فأتينا. قالت : جئت يوم السابع فسلّمت ثمّ جلست فقال عليهالسلام : هلمّي بابني ، فجئته لسيّدي وهو في ثياب صفر ، ففعل له كفعاله الأوّل وجعل لسانه عليهالسلام في فيه ثمّ قال له : تكلّم يا بني. فقال : «أشهد أن لا إله إلّا الله» وثنّى بالصلاة على محمّد وأمير المؤمنين والأئمّة حتّى وقف على أبيه ثمّ قرأ بسم الله الرّحمن الرّحيم (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ* وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ)(١) ثمّ قال : اقرأ يا بني ممّا أنزل الله على أنبيائه ورسله ، فابتدأ بصحف آدم عليهالسلام فقرأها بالسريانيّة ، وكتاب إدريس عليهالسلام وكتاب نوح عليهالسلام وكتاب هود عليهالسلام وكتاب صالح عليهالسلام وصحف إبراهيم عليهالسلام وتوراة موسى عليهالسلام وزبور داود عليهالسلام وإنجيل عيسى عليهالسلام وقرآن محمّد صلىاللهعليهوآله ثمّ قصّ قصص النبيّين والمرسلين إلى عهده.
فلمّا كان أربعون يوما دخلت دار أبي محمّد عليهالسلام فإذا مولاي الصاحب يمشي في الدار فلم أر وجها أحسن من وجهه ولا لغة أفصح من لغته. فقال لي أبو محمّد عليهالسلام : هذا المولود الكريم على الله عزوجل. فقلت له : أربعون يوما وأنا أدري من أمره ما أدري. فقال : يا عمّة ، إنّا معاشر الأوصياء ننشؤ في اليوم ممّا ينشؤ غيرنا في الأسبوع ما ينشؤ غيرنا في السنة ، فقمت وقبّلت رأسه وانصرفت وعدت وتفقّدته فلم أره ، فقلت لسيّدي أبي محمّد عليهالسلام ما فعل مولانا فقال : يا عمّتاه ، استودعناه الذي استودع موسى عليهالسلام.
قالت : قال أبو محمّد عليهالسلام : لمّا وهب لي ربّي مهدي هذه الأمّة أرسل ملكين
__________________
(١) القصص : ٥ و ٦.