وأبي وإسحاق الموصلي في حراقتيهما في الجانب الشرقي ، فدعاهما يوم الجمعة فصرنا إليه وأنا معهما وأنا صغير وعلى أقبية ومنطقة ، فلمّا دنونا من حراقة إبراهيم نهض ونهضنا ونهضت بنهوضه صبية يقال لها غضة ، وإذا في يديه كأسان فلمّا صعدنا إليه اندفع فغنّى :
حيّا كما الله خليليّا |
|
إن ميتا كنت وإن حيّا |
إن قلتما خيرا فأهل له |
|
أو قلتما غيّا فلا غيّا |
ثمّ ناول لكلّ واحد منهم كأسا وأخذ هو الكأس الذي كانت في يد الجارية وقال : اشربا على ريقكما ثمّ دعا بالطعام فأكلوا وشربوا ثمّ أخذوا العيدان فغنّاهما ساعة وغنّاه وضرب وضربا معه وغنّت الجارية بعدهم فقال لها أبي «أحسنت» مرارا ، فقال له : إن كانت أحسنت فخذها إليك ، فما أخرجتها إلّا إليك.
وإليك ما ذكره إبراهيم بن الحسن بن سهل عن الواثق وهو يتصيّد على القاطول ، قال : كنّا مع الواثق بالقاطول وهو يتصيّد فصاد صيدا حسنا وهو في الزو (١) من الإوز والدراج وطير الماء وغير ذلك ، ثمّ رجع نتغدى ودعا بالجلساء والمغنّين وطرب وقال : من ينشدنا؟ فقام الحسين بن الضحّاك فأنشده :
سقى الله بالقاطول مسرح طرفكا |
|
وخصّ بسقياه مناكب قصركا |
الخ. بالجملة وقد بلغت منطقة القاطول والقادسيّة ذروتها في الجمال والتنسيق على عهد المتوكل فقد أنشأ المتوكّل الساحة الواسعة الواقعة بين القاطول الأعلى الكسروي وقاطول الرشيد الأسفل (نهر القائم) وأنشأ فيها حديقة فسيحة للحيوانات ، ثمّ أقام على الطرف الجنوبي من هذه الحديقة قصرا واسعا في مكان قصر الرشيد القديم وساحته كبيرة خلف القصر تتصل بضفة القاطول الأسفل اليسرى.
__________________
(١) الزو : نوع من السفاين.