ولادة موسى بن عمران عليهالسلام مستورا لم يطّلع عليه إلّا الخواصّ قبل ولادته وبعد ولادته ، فلمّا توفّي أبوه غاب عن الأنظار لا أنّه دخل في السرداب وأمّه تنظر إليه كما توجد هذه العبارة في بعض كتب العامّة ، وإنّ الشيعة الإماميّة تبرأ من هذه المعتقدات التي يلصقها بهم من أراد الحطّ من كرامة مذهبهم بما لم تجوّز له الشريعة الإسلاميّة كابن التيميّة الحرّاني في الجزء الثاني من كتابه منهاج السنّة (١) وقد أطنب في تلفيقاته الكاذبة وجاء بسبّ وشتم وتكفير ويكثر من البذاء على الشيعة ولا يراعي أدب الدين ، أدب العلم ، أدب التأليف ، أدب الأمانة في النقل ، أدب النزاهة في الكتابة ، أدب العفّة في البيان ، وقد أكثر من المخاريق والمفتريات بما لا مزيد عليه إلّا أنّ الشيعة معتقداتهم بفضل المطابع انتشرت في شرق الدنيا وغربها ولا يوجد فيها ممّا لفّقه ابن تيميّة في منهاجه.
ثمّ إنّ الشيعة تعتقد أيضا أنّه عليهالسلام يظهر من مكّة المعظّمة ويهاجر إلى الكوفة ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا متى شاء الله تبارك وتعالى ، وبهذا تواترت الأخبار من الفريقين فمن أراد تفصيل ذلك فليرجع إلى كشف الأستار للعلّامة النوري ، أو غاية المرام للسيّد هاشم البحراني ، أو الثالث عشر من البحار للعلّامة المجلسي ، أو غيرهما ممّا لا تحصى كثرة. وذكر في غاية المرام مائة وخمسة وستّين حديثا من طرق العامّة المستخرجة عن كتب مشاهير علمائهم بأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : يخرج من ولدي رجل اسمه اسمي وكنيته كنيتي ، أشبه الناس بي ، وهو مهديّ هذه الأمّة ، يظهر في آخر الزمان ويملأ الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا ، فإذا اعترف أكثر من مأتين من الأساتذة الأعلام من العامّة بصفة المهدي وحياته وظهوره في آخر الزمان فما ذنب الإماميّة في ذلك حتّى شنّع عليهم بعض أعلامهم بقوله اللاذع؟!
__________________
(١) منهاج السنّة ٢ : ١٤٥.