وكان معتصم أوّل من ثرد الطعام وكثّره حتّى بلغ ألف دينار في اليوم.
وكان المعتصم غلام يقال له عجيب ، لم ير الناس مثله قط ، وكان مشغوفا به ، فعمل فيه أبياتا ثمّ دعا محمّد بن عم الرومي وقال له : قد علمت أنّي دون أبي وأخي في الأدب لحبّ أمير المؤمنين بي وميلي إلى اللعب ، وأنا حدث فلم أنل ما نالوا ، وقد عملت في عجيب أبياتا فإن كانت حسنة وإلّا أكتمها ، فأنشد :
لقد رأيت عجيبا |
|
يحكي الغزال الربيبا |
الوجه منه كبدر |
|
والقدّ يحكي القضيبا |
وإن تناول سيفا |
|
رأيت ليثا حريبا |
وإن رمى بسهام |
|
كان المجيد المصيبا |
طبيب ما بي من الحبّ |
|
فلا عدمت الطبيبا |
إنّي هويت عجيبا |
|
هوى أراه عجيبا |
قال : فحلفت له بأيمان البيعة أنّه شعر مليح من أشعار الخلفاء الذين ليسوا بشعراء ، فطابت نفسه فأمر لي بخمسين ألف درهم.
وإنّ دعبل بن علي الخزاعي هجى المعتصم فهرب منه حتّى قدم مصر ثمّ إلى المغرب ، وهي ما يلي :
ملوك بني العبّاس في الكتب سبعة |
|
ولم يأتنا في ثامن منهم الكلب |
كذلك أهل الكهف في الكهف سبعة |
|
غداة ثووا فيها وثامنهم كلب |
وإنّي لازهي كلبهم عنك رغبة |
|
لأنّك ذو ذنب وليس له ذنب |
لقد ضاع أمر الناس حيث يسوسهم |
|
وصيف وأشناس وقد عظم الخطب |
وإنّي لأرجو أن ترى من مغيبها |
|
مطالع شمس قد يغصّ بها الشرب |