رمضان في السنة المذكورة ، وكان نفس السلطان الممتحن باقيا بعد ذلك في حبس أولئك إلى زمن جلوس طاغيتهم الثاني وهو الأشرف سلطان الذي كان أوّلا في زيّ الملازمين لركاب محمودهم المردود ، إلى أن ابتلاه الله الملك القهّار بعقوبة ما فعله بأولئك السادة الرفيعة المقدار بعارضة شبه الجنون ، فحبسه بمقتضى مصلحة وقته هذا الملعون ، إلى أن هلك أو هلك بعد ذلك في ظلمات السجون ، ومجلس مجلسه المنحوس من غير مزاحم له في ذلك الجلوس ، وعصر يوم الأحد الثامن من شعبان هذه السنة بعينها.
فلمّا استقرّ لهذا الخبيث الأخبث الملك والمملكة وفرغ من بناء حصاره البارّة المرتفعة المشهور في البلدة بتخريب قريب من خمسمائة حمّام ومدرسة ومسجد معمور في أقلّ من مدّة ستّة من الشهور كما هو المشهور فظهر في دولته العادية العارية شيء من الفتور ، وتوجّه من جهة الروم إلى مقاتلته جند موفور ، فخاف على نفسه الملعونة بعد تكرّر مقابلة مع هؤلاء الجنود ، من بقاء رائحة حياة ذلك السلطان المسعود ، وحركت النفس الخبيثة إلى الأمر بقتله أيضا في المحبس وتركه من غير غسل وكفن ، وسبى أهله وحرمه ، ونهب أمواله وخدمه ، وذلك في يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من محرّم الحرام سنة الأربعين والمائة بعد الألف ، إلّا أنّه نقل نعشه الشريف بعد مضي زمان عليه إلى مدينة قم فدفن في جوار آرائه.
وقال أيضا في ترجمة الخاجوئي المشار إليه ما نصّه : إنّ من حضر وقعة أصبهان من مخاذلة الأفغان ومحاصرة هذا العام وهو سنة ١١٣٤ وشاهد ما جرى في ثمانية أشهر من شدّة الغلاء حتّى أنّ منّا من الحنطة وهو ثمانية عشر رطلا بالعراقي بيع بخمسة توامين وهو ألف درهم ، ثمّ نفدت الحنطة والأرز وسائر الحبوبات ، وانتهى الأمر إلى اللحوم فمن الغنم إلى البقر ، ومنه إلى الفرس والبغل ، ثمّ الكلاب والسنّور ، ثمّ لحوم الأموات ، ثمّ قتل بعضهم بعضا ابتغاء لحمه ، وما وقع في طيّ ذلك من الموت