وقال ابن العماد الحنبلي (١) نقلا عن الشذور : قد تمّ جامع سرّ من رأى فبلغت النفقة عليه ثلاثمائة آلاف وثمانية آلاف ومأتين واثنى عشر دينارا.
وقال محمّد خداوند شاه الشافعي في خاتمة كتابه روضة الصفا : إنّ سامرّاء كانت من قديم الزمان موصوفة بالعمارات العالية وتعدّ من الأمصار المعتبرة العظيمة ، وإنّها كانت أطيب بلاد العراق هواء وأعذبها ماء ، ولأجل ذلك سمّيت سرّ من رأى ، ثمّ إنّها خربت وخرابها بلغ الغاية إلى أوان الدولة العبّاسيّة ، فلمّا ولي المعتصم وهو ثامنهم أخذ في عمارتها وتمصيرها وانتقل إليها فصارت أكبر أمّهات البلاد من كثرة القصور الشاهقة والأبنية الجليلة ، فبلغ طولها سبعة فراسخ.
وإنّ المعتصم أمر عسكره أن يملئوا مخاليهم من التراب ونبذوه في فضاء واسع حتّى صار جبلا عظيما ثمّ بنى عليه قصرا عاليا وأعظم النفقة عليه وأسّس بنيان المسجد الجامع واتسع فضاؤها وارتفع بنيانها وأكثر النفقة عليها ، وجعل في وسط المسجد آنية كبيرة من صخرة ملساء قطرها نصف الذراع وأطرافها ثلاثة وعشرون ذراعا وارتفاعها سبعة أذرع ، وفي جنب المسجد بنى منارة طولها مائة وسبعون ذراعا وكانوا يصعدون عليها من الخارج وهي من عجائب الأبنية حتّى قيل : لم يخلق مثلها قبل ذلك ، انتهى.
وهي الآن موجودة في شمالي سامرّاء الحاليّة ويقال لها «الملوية» لالتواء بنائها الهندسي على شكل مخروطي ، يقصدها الزائرون للبلدة ، وهي واقعة في شمال جامع المتوكّل.
__________________
(١) شذرات الذهب ٢ : ٨٧.