والإخلاد إلى الراحة والإتكاء على غيرهم التي حطمت كيانهم وحطت من شأنهم. في القرنين الأخيرين جدّ العلماء والمنقّبون في استخراج كنوز الأرض وكشف كثير من الآثار المطمورة ، ففحصوها بجدّ لا يعرف الكلل والملل ، وعرفوا ـ نتيجة للمتابعات الطويلة ـ كثيرا من الأسرار الاجتماعيّة القديمة الهامة ، وحصلوا على نتائج خافية عظيمة كانت لبنا في بناء صرح التاريخ الانساني ، بعضها يعود إلى ألوف أو مئات من السنين والأعوام.
كان هذا الجدّ المديد يحتاج إلى تصنيف دقيق ييسر للباحثين الإطلاع عليه والإفادة منه ، ومن جملة وجوه التصنيف دراسة المدن والحواضر بل والأرياف ، والتحقيق عنها في دراسات ومؤلفات خاصة ، واستعراض مالها من السوابق التاريخية في الثقافة والعلم والصناعات والإقتصاد وما إليها من وجوه المعارف والأنشطة المؤثرة في رفع مستوى سكنة تلك المناطق جيلا بعد جيل.
لقد حضيت جملة من المدن العراقية ببعض المصنّفات الخاصة والدراسات القصيرة أو الموسّعة ، كبغداد والنجف الأشرف وكربلاء والبصرة والكوفة والديوانيّة ، وبقيت سامراء منسية في هذا المجال مع ما لها من السوابق الأثرية والتاريخية والعلمية ، وبها مثوى الإمامين العسكريين عليهماالسلام ، وهي مزار مقدس تهوى إليه أفئدة ملايين من المسلمين المحبّين لأهل البيت النبوي عليهم الصلاة والسلام.
ملأ هذه الفجوة في تاريخ العراق ، شيخنا العلّامة البحاثة المتتبع الشيخ ذبيح الله المحلاتي تغمده الله برحمته ورضوانه ، بموسوعته القيمة «مآثر الكبراء في تاريخ سامراء» ، التي تمت ـ حسب ما كتبه ابنه ـ في اثني عشر مجلدا.
استعرض الشيخ في موسوعته هذه ما يتعلّق بجغرافيا وتاريخ سامراء قبل الإسلام وبعده قديما وحديثا ، ووصف أبنيتها وقصورها ومسارحها ومشاهدها ،