والمطابقة في التثنية أو الجمع جائزان. وقرئ شاذا مثلهم بفتح اللام ، فخرجه البصريون على أنه مبني لإضافته إلى مبني كقوله : لحق مثل ما أنكم تنطقون على قراءة من فتح اللام ، والكوفيون يجيزون في مثل أن ينتصب محلا وهو الظرف ، فيجوز عندهم زيد مثلك بالنصب أي : في مثل حالك. فعلى قولهم يكون انتصاب مثلهم على المحل ، وهو الظرف.
(إِنَّ اللهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) لما اتخذوهم في الدنيا أولياء جمع بينهم في الآخرة في النار ، والمرء مع من أحب ، وهذا توعد منه تعالى تأكد به التحذير من مجالستهم ومخالطتهم.
(الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللهِ قالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) المعنى الذين ينتظرون بكم ما يتجدد من الأحوال من ظفر لكم أو بكم ، فإن كان لكم فتح من الله قالوا : ألم نكن معكم مظاهرين. والمعنى : فاسهموا لنا بحكم إنّنا مؤمنون ، وإن كان للكافرين أي اليهود نصيب ، أي : نيل من المؤمنين قالوا : ألم نستحوذ عليكم ، أي : ألم نغلبكم ونتمكن من قتلكم وأسركم ، وأبقينا عليكم ، ونمنعكم من المؤمنين بأن ثبطناهم عنكم ، فاسهموا لنا بحكم أننا نواليكم فلا نؤذيكم ، ولا نترك أحدا يؤذيكم. قيل : المعنى أنّ الكفار واليهود هموا بالدخول في الإسلام فحذرهم المنافقون عن ذلك ، وبالغوا في تنفيرهم سيضعف أمر الرسول ، فمنوا عليهم عند حصول نصيب لهم بأنهم قد أرشدوهم لهذه المصالح ، فيكون التقدير : ونمنعكم من اتباع المؤمنين والدخول في دينهم فاسهموا لنا. وقيل : المعنى ألم نخبركم بأمر محمد وأصحابه ونطلعكم على سرهم؟ وعن ابن عباس : ألم نحط من ورائكم؟ والذين يتربصون بدل من الذين يتخذون ، أو صفة للمنافقين ، أو نصب على الذم ، أو رفع على خبر الابتداء محذوف. وسمى تعالى ظفر المؤمنين فتحا عظيما لهم ، وجعل منه تعالى فقال : فتح من الله ، وظفر الكافرين نصيبا ، ولم ينسبه إليه تعالى تحقيرا لهم وتخسيسا لما نالوه من المؤمنين ، لأن ظفر المؤمنين أمر عظيم تفتح له أبواب السماء كما قال أبو تمام في فتح المعتصم عمورية بلاد الروم :
فتح تفتح أبواب السماء له |
|
وتبرز الأرض في أثوابها القشب |
وأما ظفر الكافرين فهو حظ دنيوي يصيبونه. وقرأ ابن أبي عبلة : ونمنعكم بنصب