عبد الله بن الزبير الخبيبيون ، وكما كان يقول رهط مسلمة : نحن أبناء الله ، ويقول أقرباء الملك وحشمه : نحن الملوك. وأحباؤه جمع حبيب فعيل بمعنى مفعول ، أي محبوبوه ، أجري مجرى فعيل من المضاعف الذي هو اسم الفاعل نحو : لبيب وألباء. وقائل هذه المقالة : بعض اليهود الذين كانوا بحضرة الرسول ، فنسب إلى الجميع لأنّ ما وقع من بعض قد ينسب إلى الجميع. قال الحسن : يعنون في القرب منه أي : نحن أقرب إلى الله منكم له ، يفخرون بذلك على المسلمين. قال ابن عياش : هم طائفة من اليهود خوفهم الرسول عقاب الله فقالوا : أتخوفنا بالله ونحن أبناء الله وأحباؤه؟ وروي أيضا عن ابن عباس : أن يهود المدينة كعب بن الأشرف وغيره من نصارى نجران السيد والعاقب ، خاصموا أصحاب الرسول صلىاللهعليهوسلم ، فعيرهم الصحابة بالكفر وغضب الله عليهم ، فقالت اليهود : إنما غضب الله علينا كما يغضب الرّجل على ولده ، نحن أبناء الله وأحباؤه. هذا قول اليهود ، وأما النصارى فإنهم زعموا أنّ عيسى قال لهم : اذهبوا إلى أبي وأبيكم.
(قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ) أي إن كنتم كما زعمتم ، فلم يعذبكم بذنوبكم؟ وكانوا قد قالوا للنبي صلىاللهعليهوسلم في غير ما موطن : نحن ندخل النار فنقيم فيها أربعين يوما ، ثم تخلفوننا فيها. والمعنى : لو كانت منزلتكم منه فوق منزلة البشر لما عذبكم ، وأنتم قد أقررتم أنه يعذبكم ، وهذا على أنّ العذاب هو في الآخرة. ويحتمل أن يريد به العذاب في الدّنيا بمسخ آبائهم على تعديهم في السبت ، وبقتل أنفسهم على عبادة العجل ، وبالتيه على امتناعهم من قتال الجبارين ، وبافتضاح من أذنب منهم بأن يصبح مكتوبا على بابه ذنبه وعقوبته عليه فتنفذ فيهم ، والإلزام بكلا التعذيبين صحيح. أما الأول فلإقرارهم أن ذلك سيقع ، وأما الآخر فلوقوع ذلك فيما مضى لا يمكن إنكار شيء منه. والاحتجاج بما وقع أقوى. وخرّج الزمخشري التعذيبين : الدنيوي ، والأخروي في كلامه ، وأشرب تفسير الآية بشيء من مذهبه الاعتزالي ، وحرف التركيب القرآني على عادته ، فقال : إن صح أنكم أبناء الله وأحباؤه ، فلم تذنبون وتعذبون بذنوبكم فتمسخون ، وتمسكم النار في أيام معدودات على زعمكم؟ ولو كنتم أبناء الله لكنتم من جنس الأب غير فاعلين للقبائح ، ولا مستوجبين للعذاب. ولو كنتم أحباءه لما عصيتموه ، ولما عاقبكم انتهى. ويظهر من قوله : ولو كنتم أحباءه لما عصيتموه ، أن يكون أحباؤه جمع حبيب بمعنى محب ، لأن المحب لا يعصي من يحبه ، بخلاف المحبوب فإنه كثيرا ما يعصي محبه. وقال القشيري : النبوّة تقتضي المحبة ، والحق منزه عنها ، والمحبة التي بين المتجانسين تقتضي الاختلاط والمؤانسة ، والحق