نكتم شهادة والله ثم حذف الواو ونصب الفعل إيجازا. وروي عن عليّ والسلميّ والحسن البصري شهادة بالتنوين آلله بالمدّ في همزة الاستفهام التي هي عوض من حرف القسم دخلت تقريرا وتوقيفا لنفوس المقسمين أو لمن خاطبوه ، وروي عن الشعبي وغيره أنه كان يقف على شهادة بالهاء الساكنة الله بقطع ألف الوصل دون مد الاستفهام. قال ابن جني الوقف على شهادة بسكون الهاء واستئناف القسم حسن لأن استئنافه في أول الكلام أوقر له وأشدّ هيبة من أن يدخل في عرض القول. وروي عن يحيى بن آدم عن أبي بكر بن عياش (شَهادَةُ) بالتنوين (اللهِ) بقطع الألف دون مد وخفض هاء الجلالة ورويت هذه عن الشعبي. وقرأ الأعمش وابن محيصن لملاثمين بإدغام نون من في لام الآثمين بعد حذف الهمزة ونقل حركتها إلى اللام.
(فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً) أي فإن عثر بعد حلفهما على أنهما استحقا إثما أي ذنبا بحنثهما في اليمين بأنها ليست مطابقة للواقع و (عُثِرَ) استعارة لما يوقع على علمه بعد خفائه وبعد إن لم يرج ولم يقصد كما تقول على الخبير سقطت ووقعت على كذا. قال أبو علي : الإثم هنا هو الشيء المأخوذ لأن أخذه إثم فسمي إثما كما يسمى ما أخذ بغير الحق مظلمة ، قال سيبويه المظلمة اسم ما أخذ منك ولذلك سمي هذا المأخوذ باسم المصدر انتهى. والظاهر أن الإثم هنا ليس الشيء المأخوذ بل الذنب الذي استحقا به أن يكونا من الآثمين الذي تبرآ أن يكونا منهم في قولهما (إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ) ولو كان الإثم هو الشيء المأخوذ ما قيل فيه استحقا إثما لأنهما ظلما وتعدّيا وذلك هو الموجب للإثم.
(فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ) قرأ الحرميان والعربيان والكسائي (اسْتَحَقَ) مبنيا للفاعل و (الْأَوْلَيانِ) مثنى مرفوع تثنية الأولى ورويت هذه القراءة عن أبيّ وعليّ وابن عباس وعن ابن كثير في رواية قرة عنه ، وقرأ حمزة وأبو بكر (اسْتَحَقَ) مبنيا للمفعول و (الْأَوْلَيانِ) جمع الأول ، وقرأ الحسن (اسْتَحَقَ) مبنيا للفاعل الأولان مرفوع تثنية أول ، وقرأ ابن سيرين الأوليين تثنية الأولى فأما القراءة الأولى فقال الزمخشري (فَآخَرانِ) فشاهدان آخران (يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَ) عليهم أي من الذين استحق عليهم الإثم ، ومعناه وهم الذين جني عليهم وهم أهل الميت وعترته ، وفي قصة بديل أنه لما ظهرت خيانة الرجلين حلف رجلين من ورثته أنه إناء صاحبهما وأن شهادتهما أحق من شهادتهما ، و (الْأَوْلَيانِ) الأحقان بالشهادة لقرابتهما ومعرفتهما وارتفاعهما على هما الأوليان كأنه قيل ومن هما فقيل (الْأَوْلَيانِ) ، وقيل هما بدل من الضمير في (يَقُومانِ) أو من آخران ويجوز أن يرتفعا