وقرأ ابن محيصن : أن يقولوا بياء الغيبة ويعني كفار قريش. وقال الماتريدي : المعنى إنما ظهر نزول الكتاب عند الخلق على طائفتين من قبلنا ولم يكونوا وقت نزل التوراة والإنجيل يهودا ولا نصارى ، وإنما حدث لهما هذان الاسمان لما حدث منهما و (دِراسَتِهِمْ) قراءتهم ودرسهم والمعنى عن مثل (دِراسَتِهِمْ) وأعاد الضمير جمعا لأن كل طائفة منهم جمع كما أعاده في قوله : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا) (١) وإن هنا هي المخففة من الثقيلة. وقال الكوفيون : إن نافية واللام بمعنى إلا والتقدير وما كنا عن دراستهم إلا غافلين. وقال قطرب : في مثل هذا التركيب إن بمعنى قد واللام زائدة وليس هذا الخلاف مقصورا على ما في هذه الآية ، بل هو جار في شخصيات هذا التركيب وتقريره في علم النحو. وقال الزمخشري : (وَإِنْ كُنَّا) هي المخففة من الثقيلة واللام هي الفارقة بينها وبين النافية والأصل (وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ) غافلين على أن الهاء ضمير ؛ انتهى. وما ذهب إليه من أن أصله (وَإِنْ كُنَّا) والهاء ضمير الشأن يلزم منه أن إن المخففة من الثقيلة عاملة في مضمر محذوف حالة التخفيف كما قال النحويون في أن المخففة من الثقيلة عاملة في مضمر محذوف حالة التخفيف كما قال النحويون في أن المخففة من الثقيلة والذي نص الناس عليه أن إن المخففة من الثقيلة إذا لزمت اللام في أحد الجزأين بعدها أو في أحد معمولي الفعل الناسخ الذي يليها ، إنها مهملة لا تعمل في ظاهر ولا مضمر لا مثبت ولا محذوف فهذا الذي ذهب إليه مخالف للنصوص وليست إذا وليها الناسخ داخلة في الأصل على ضمير شأن البتة.
و (عَنْ دِراسَتِهِمْ) متعلق بقوله : (لَغافِلِينَ) وهذا يدل على بطلان مذهب الكوفيين في دعواهم أن اللام بمعنى إلا ولا يجوز أن يعمل ما بعد إلا فيما قبلها ، وكذلك اللام التي بمعناها ولهم أن يجعلوا عنها متعلقا بمحذوف ويدل أيضا على أن اللام لام ابتداء لزمت للفرق ، فجاز أن يتقدم معمولها عليها لما وقعت في غير ما هو لها أصل كما جاز ذلك في أن زيدا طعامك لآكل حيث وقعت في غير ما هو لها أصل ولم يجز ذلك فيها إذا وقعت فيما هو لها أصل وهو دخولها على المبتدأ.
(أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ) انتقال من الأخبار لحصر إنزال الكتاب على غيرهم وأنه لم ينزل عليهم إلى الأخبار بحكم على تقدير والكتاب يجوز أن يراد به الكتاب السابق ذكره ، ويجوز أن يراد الكتاب الذي تمنوا أن ينزل عليهم ومعنى (أَهْدى مِنْهُمْ) أرشد وأسرع اهتداء لكونه نزل علينا بلساننا فنحن نتفهمه ونتدبره وندرك ما
__________________
(١) سورة الحجرات : ٤٩ / ٩.