ثم راجعها ، وقال : إنما هي واحدة ، فإما أن تقوى على الأثرة وإلا طلقتك ففرت. قاله : عبيدة ، وسليمان بن يسار ، وابن المسيب. أو بسبب النبي صلىاللهعليهوسلم وسودة بنت زمعة خشيت طلاقها فقالت : لا تطلقني واحبسني مع نسائك ، ولا تقسم لي ، ففعل ، فنزلت قاله : ابن عباس وجماعة.
والخوف هنا على بابه ، لكنه لا يحصل إلا بظهور أمارات ما تدل على وقوع الخوف. وقيل : معنى خافت علمت. وقيل : ظنت. ولا ينبغي أن يخرج عن الظاهر ، إذ المعنى معه يصح. والنشوز : أن يجافي عنها بأن يمنعها نفسه ونفقته ، والمودة التي بينهما ، وأن يؤذيها بسبب أو ضرب. والإعراض : أن يقل محادثتها ومؤانستها لطعن في سن أو دمامة ، أو شين في خلق أو خلق أو ملال ، أو طموح عين إلى أخرى ، أو غير ذلك ، وهو أخف النشوز. فرفع الجناح بينهما في الصلح بجميع أنواع من بذل من الزوج لها على أن تصبر ، أو بذل منها له على أن يؤثرها وعن أن يؤثر وتتمسك بالعصمة ، أو على صبر على الأثرة ونحو ذلك ، فهذا كله مباح. ورتب رفع الجناح على توقع الخوف ، وظهور أمارات النشوز والإعراض ، وهو مع وقوع تلك وتحققها أولى. لأنه إذا أبيح الصلح مع خوف ذلك فهو مع الوقوع أوكد ، إذ في الصلح بقاء الألفة والمودّة. ومن أنواع الصلح أن تهب يومها لغيرها من نسائه كما فعلت سودة ، وأن ترضى بالقسم لها في مدة طويلة مرة ، أو تهب له المهر أو بعضه ، أو النفقة ، والحق الذي للمرأة على الزوج هو المهر والنفقة ، والقسم هو على إسقاط ذلك أو شيء منه على أن لا يطلقها ، وذلك جائز.
وقرأ الكوفيون : يصلحا من أصلح على وزن أكرم. وقرأ باقي السبعة : يصالحا ، وأصله يتصالحا ، وأدغمت التاء في الصاد. وقرأ عبيدة السلماني : يصالحا من المفاعلة. وقرأ الأعمش : أن أصالحا ، وهي قراءة ابن مسعود ، جعل ماضيا. وأصله تصالح على وزن تفاعل ، فأدغم التاء في الصاد ، واجتلبت همزة الوصل ، والصلح ليس مصدر الشيء من هذه الأفعال التي قرئت ، فإن كان اسما لما يصلح به كالعطاء والكرامة مع أعطيت وأكرمت ، فيحتمل أن يكون انتصابه على إسقاط حرف الجرّ أي : يصلح أي بشيء يصطلحان عليه. ويجوز أن يكون مصدرا لهذه الأفعال على حذف الزوائد.
(وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) ظاهره أنّ خيرا أفعل التفضيل ، وأن المفضل عليه هو من النشوز والإعراض ، فحذف لدلالة ما قبله عليه. وقيل : من الفرقة. وقيل : من الخصومة ، وتكون