محمد بن كعب القرظي ، عن محمد بن خثيم ، عن عمار بن ياسر قال : كنا أنا وعلي بن أبي طالب رفيقين في غزوة العشيرة (١) فلما نزلها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأقام بها رأينا أناسا من بني مدلج يعملون في عين لهم ، أو في نخل ، فقال لي علي : يا أبا اليقظان! هل لك أن نأتي هؤلاء ننظر كيف يعملون؟ قال : قلت : إن شئت. فجئناهم ، فنظرنا إلى عملهم ساعة ، ثم غشينا النوم ، فانطلقت أنا وعلي حتى اضطجعنا في ظل صور (٢) من النخل ودقعاء (٣) من التراب ، فنمنا فيها ، فيومئذ قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لعلي : «ما لك يا أبا تراب؟» لما يرى مما عليه من التراب ، ثم قال : «ألا أحدثكما بأشقى الناس؟» قلنا : بلى يا رسول الله! قال : «أحيمر ثمود (٤) الذي عقر الناقة ، والذي يضربك يا علي على هذه ـ ووضع يده على قرنه ـ حتى يبل منها هذه ـ وأخذ بلحيته» (٥).
٥٤ ـ ذكر أحدث الناس عهدا برسول الله صلىاللهعليهوسلم
١٥٤ ـ أخبرنا علي بن حجر المروزي قال : أخبرنا جرير ، عن مغيرة ، عن أم موسى قالت : قالت أم سلمة : إن أحدث الناس برسول الله صلىاللهعليهوسلم علي (٦).
__________________
(١) وهي غزوة ذي العشيرة في الطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ٨ وفي سيرة ابن هشام غزوة العشيرة بدون ذي. وكانت في جمادي الآخرة على رأس ستة عشر شهرا من مهاجره.
(٢) صور : جماعة من النخل.
(٣) دقعاء : هو التراب الدقيق على وجه الأرض.
(٤) أحيمر ثمود : هو قدار بن سالف الذي عقر ناقة صالح عليهالسلام وهو الذي قال الله فيه (إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها) [الشمس : ١٢] ، (فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ) [القمر : ٢٩].
(٥) رواه ابن كثير في تفسيره ج ٨ ص ٤٣٧ وقال : رواه ابن أبي حاتم. ورواه الإمام أحمد في المسند ج ٤ ص ٢٦٣.
ورواه البخاري في التاريخ ج ١ ص ٧١.
(٦) رواه المحب الطبري في الرياض النضرة ص ٦٠٨ : عن أم سلمة قالت : والذي أحلف به أن كان عليّ أقرب الناس عهدا برسول الله صلىاللهعليهوسلم. قالت : عدنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم غداة بعد غداة يقول : جاء علي؟ مرارا وأظنه كان بعثه لحاجة ، فجاء بعد ، فظننت أن له حاجة فخرجنا من البيت فقعدنا عند الباب ، فكنت أدناهم إلى الباب ، فأكب عليه علي فجعل يسارّه ويناجيه ، ثم قبض من يومه ذلك صلىاللهعليهوسلم فكان من أقرب الناس به عهدا. وقال المحب الطبري : ـ