الله قد أكثر الخير ، قال : يا ابن رزين ، إني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «لا يحل للخليفة من مال الله إلا قصعتان : قصعة يأكلها هو وأهله ، وقصعة يضعها بين يدي الناس». كذا في البداية (٨ / ٣).
من خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضياللهعنه (١)
أخرج ابن جرير في تاريخه (٣ / ٤٥٧) بإسناد فيه سيف عن علي بن الحسين : أول خطبة خطبها علي رضياللهعنه حين استخلف ، حمد الله وأثنى عليه ، فقال : إن الله عزوجل أنزل كتابا هاديا بيّن فيه الخير والشر ، فخذوا بالخير ودعوا الشر. الفرائض أدّوها إلى الله سبحانه يؤدكم إلى الجنة ، إن الله حرم حرما غير مجهولة ، وفضل حرمة المسلم على الحرم كلها ، وشد بالإخلاص والتوحيد المسلمين. والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده إلا بالحق ، لا يحل أذى المسلم إلا بما يجب. بادروا أمر العامة ، وخاصة أحدكم ـ الموت ـ فإن الناس أمامكم ، وإنما هو خلفكم الساعة تحدوكم. وتخففوا تلحقوا ؛ فإنما ينتظر الناس أخراهم ، اتقوا الله عباده في عباده وبلاده ، إنكم مسئولون حتى عن البقاع والبهائم ، أطيعوا الله عزوجل ولا تعصوه ، وإذا رأيتم الخير فخذوا به ، وإذا رأيتم الشر فدعوه ، واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض.
وأخرج أبو الشيخ عن علي أنه خطب ، فقال : عشيرة الرجل للرجل خير من الرجل لعشيرته ؛ إنه إن كف يده عنهم كف يدا واحدة ، وكفوا عنه أيدي كثيرة مع مودتهم وحفاظهم ونصرتهم ، حتى لربما غضب الرجل للرجل وما يعرفه إلا بحسبه. وسأتلو عليكم بذلك آيات من كتاب الله ، فتلا هذه الآية : (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) [هود : ٨٠] قال علي : والركن الشديد : العشيرة ، فلم تكن للوط عشيرة ؛ فو الذي لا إله إلا هو ما بعث الله نبيا قط بعد لوط إلا في ثروة من قومه. وتلا هذه الآية في شعيب (وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً) [هود : ٩١] ، قال : كان مكفوفا (٢).
__________________
(١) من كتاب حياة الصحابة رضياللهعنهم.
(٢) لعله أراد بقوله مكفوفا : محفوظا بعناية الله وليس المراد مكفوف البصر ، فإن عمى البصر ـ