أبت ، أرأيت ما صنع أمير المؤمنين؟ خرج إلينا في الشتاء ، وعليه ثياب الصيف ، وخرج علينا في الصيف وعليه ثياب الشتاء! فقال أبو ليلى : هل فطنت؟ وأخذ بيد ابنه عبد الرحمن ، فأتى عليا ، فقال له علي : إن النبي صلىاللهعليهوسلم كان بعث إليّ ، وأنا أرمد شديد الرمد ، فبزق في عيني ، ثم قال : «افتح عينيك» ففتحتهما ، فما اشتكيتهما حتى الساعة ، ودعا لي ، فقال : «اللهم أذهب عنه الحر والبرد» ، فما وجدت حرا ، ولا بردا حتى يومي هذا (١).
٥٢ ـ ذكر النجوى ، وما خفف بعلي عن هذه الأمة
١٥٢ ـ أخبرنا محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي قال : حدثنا قاسم الجرمي ، عن سفيان ، عن عثمان ، وهو ابن المغيرة ـ عن سالم ، عن علي بن علقمة ، عن علي قال : لما أنزلت (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) [المجادلة : ١٢] قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لعلي : «مرهم أن يتصدقوا» قال : بكم يا رسول الله؟ قال : «بدينار» قال : لا يطيقون قال : «فنصف دينار؟». قال : لا يطيقون. قال : «فبكم؟» قال : بشعيرة فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنك لزهيد» قال : فأنزل الله تعالى : (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ) إلى آخر الآية [المجادلة : ١٣] ، وكان علي يقول : بي خفف عن هذه الأمة (٢).
٥٣ ـ ذكر أشقى الناس
١٥٣ ـ أخبرني محمد بن وهب بن عبد الله بن سماك بن أبي كريمة الحراني قال : حدثنا محمد بن سلمة قال : حدثنا ابن إسحاق ، عن يزيد بن محمد بن خثيم ، عن
__________________
(١) رواه محب الدين الطبري في كتابه الرياض النضرة ص ٦٢٢.
ورواه الطبراني في المعجم الأوسط ج ٣ ص ٣٣٩.
(٢) رواه ابن كثير في تفسيره ج ٨ ص ٨٦.
ورواه الترمذي في صحيحه ـ انظر تحفة الأحوذي ـ تفسير سورة المجادلة ج ٩ ص ١٩٢ الحديث رقم ٣٣٥٥.
ومعنى قوله شعيرة أي وزن شعيرة.
ورواه الطبري في تفسيره ج ٢٨ ص ٢١.