تمره وأعطاها درهما وقال : أحب أن ترضى عني يا أمير المؤمنين ، قال : ما أرضاني عنك إذا وفّيتم ، ثم مر مجتازا بأصحاب التمر فقال : أطعموا المسكين يربو كسبكم ، ثم مر مجتازا حتى انتهى إلى أصحاب السمك فقال : لا يباع في سوقنا طاف (١). ثم أتى دار بزار وهي سوق الكرابيس (٢) ، فقال : يا شيخ أحسن بيعي في قميص بثلاثة دراهم ، فلما عرفه لم يشتر منه شيئا ، ثم أتى آخر فلما عرفه لم يشتر منه شيئا ، ثم أتى غلاما حدثا فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم لبسه ما بين الرسغين إلى الكعب ، فجاء صاحب الثوب فقيل : إن ابنك باع لأمير المؤمنين قميصا بثلاثة دراهم ، قال : فهلّا أخذت منه درهمين؟ فأخذ الدرهم ثم جاء به إلى علي فقال : أمسك هذا الدرهم ، قال : ما شأنه؟ قال : كان قميصا ثمنه درهمان باعك ابني بثلاثة دراهم ، قال : باعني رضاي وأخذت رضاه. كذا في المنتخب (٥ / ٥٧).
زهد علي بن أبي طالب رضياللهعنه (٣)
١ ـ أخرج أبو نعيم في الحلية (١ / ٨٢) عن رجل من ثقيف أن عليا رضياللهعنه استعمله على عكبرا قال : ولم يكن السواد يسكنه المصلون ، وقال لي : إذا كان عند الظهر فرح إلي ، فرحت إليه فلم أجد عنده حاجبا يحبسني عنه دونه ، فوجدته جالسا وعنده قدح وكوز من ماء ، فدعا بطينة فقلت في نفسي : لقد أمنني حتى يخرج إلي جوهرا ولا أدري ما فيها ، فإذا عليها خاتم فكسر الخاتم ، فإذا فيها سويق فأخرج منها
__________________
(١) طاف : هو ما يطفو على سطح الماء بعد موته وقد اختلف الفقهاء في أكله فقيل يؤكل وقيل لا يؤكل والأصح أن يؤكل لكثرة الأحاديث الواردة في ذلك منها ما رواه أحمد وابن ماجه وما رواه مالك في موطئه أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال عن البحر «هو الطهور ماؤه الحل ميتته» ، وجاء في الصحيحين عن جابر بن عبد الله أنه خرج مع أبي عبيدة بن الجراح يتلقى عيرا لقريش فانطلقوا على ساحل البحر فخرج لهم من البحر دابة تدعى العنبر قال أبو عبيدة : ميتة ، ثم قال بل نحن رسل رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد اضطررتم فكلوا ، فأقمنا عليه شهرا حتى سمنا قال : فلما قدمنا المدينة أتينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فذكرنا ذلك له فقال : «هو رزق أخرجه الله لكم ، فهل معكم من لحمه شيء فتطعموننا؟» قال : فأرسلنا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم منه فأكله ، انظر كتابي «الفقه الواضح من الكتاب والسنة» المجلد الثاني ص ٣٧٧ ، وما بعدها لتعرف حكم أكل ميتة السمك والسردين والفسيخ ونحوه بشيء من التفصيل.
(٢) الكرابيس : جمع كرباس وهو القطن.
(٣) كتاب حياة الصحابة رضياللهعنهم.