أبو بكر وبما عملت فيها منذ وليتها ، فقلتما : ادفعها إلينا ، فبذلك دفعتها إليكما ، فأنشدكم بالله هل دفعتها إليهما بذلك؟ قال الرهط : نعم ، الحديث من رواية مالك بن أوس ، وهو صريح في مطالبتهما مع اعترافهما بحديث «لا نورث» فليس محله إلا ما تقدم من أنهما فهما أن ذلك من قبيل الوقف ، وأن ورثة الواقف أولى بالنظر على الموقوف ، سيما وما قبضاه من أموال بني النضير هو صدقة النبي صلىاللهعليهوسلم بالمدينة ، ولهذا زاد شعيب في آخر الحديث المذكور : قال ابن شهاب : فحدثت بهذا الحديث عروة ، فقال : صدق مالك بن أوس ، أنا سمعت عائشة رضي الله تعالى عنها تقول ، فذكر حديثها ، قال : وكانت هذه الصدقة بيد علي منعها العباس فغلبه عليها ، ثم كانت بيد الحسن ، ثم بيد الحسين ، ثم بيد علي بن حسين والحسن بن الحسن ، ثم بيد زيد بن الحسن ، وهي صدقة رسول الله صلىاللهعليهوسلم حقا.
وروى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري مثله ، وزاد : قال معمر : ثم كانت بيد عبد الله بن حسن حتى ولي هؤلاء ، يعني بني العباس ، فقبضوها ، وزاد إسماعيل القاضي أن إعراض العباس عنها كان في خلافة عثمان.
وفي سنن أبي داود عن رجل من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم ، فذكر قصة بني النضير ، وقال في آخرها : فكانت نخل بني النضير لرسول الله صلىاللهعليهوسلم خاصة ، أعطاها الله إياه ، فقال (وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ) [الحشر : ٦] الآية ، قال : فأعطى أكثرها للمهاجرين ، وبقي منها صدقة رسول الله صلىاللهعليهوسلم التي في أيدي بني فاطمة.
وقال ابن شبة : قال أبو غسان : صدقات النبي صلىاللهعليهوسلم اليوم بيد الخليفة : يولى عليها ، ويعزل عنها ، ويقسم ثمرها وغلتها في أهل الحاجة من أهل المدينة على قدر ما يرى من هي في يده.
قال الحافظ ابن حجر ، بعد نقل نحو ذلك عنه : وكان ذلك على رأس المائتين ، ثم تغيرت الأمور ، والله المستعان.
قلت : قال الشافعي فيما نقله البيهقي : وصدقه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ بأبي هو وأمي ـ قائمة عندنا ، وصدقة الزبير قريب منها ، وصدقة عمر بن الخطاب قائمة ، وصدقة عثمان ، وصدقة عليّ ، وصدقة فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وصدقة من لا أحصي من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالمدينة وأعراضها.
وذكر المجد في ترجمة فدك ما يقتضي أن الذي دفعه عمر إلى علي والعباس رضي الله تعالى عنهم ووقعت الخصومة فيه هو فدك ، فإنه قال فيها : وهي التي قالت فاطمة رضي الله تعالى عنها : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم نحلنيها ، فقال أبو بكر رضي الله تعالى عنه : أريد بذلك شهودا ، فشهد لها عليّ ، فطلب شاهدا آخر ، فشهدت لها أم يمن ، فقال : قد علمت يا بنت