وذكر الواقدي بناء عمرو بن أمية للمسجد على مصلّى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال : وكان فيه سارية لا تطلع الشمس عليها يوما من الدهر إلا يسمع لها نقيض أكثر من عشر مرار ، فكانوا يرون أن ذلك تسبيح.
قال المطري : وهو جامع كبير ، فيه منبر عال عمل في أيام الناصر أحمد بن المستضيء ، وفي ركنه الأيمن القبلي قبر عبد الله بن عباس بن عبد المطلب في قبة عالية ، ومسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم في صحن هذا الجامع بين قبتين صغيرتين يقال : أنهما بنيتا في موضع قبتي زوجتيه عائشة وأم سلمة رضي الله تعالى عنهما.
قلت : قال التقي الفاسي : إن المسجد الذي ينسب للنبي صلىاللهعليهوسلم هناك في مؤخر المسجد الذي فيه قبر عبد الله بن عباس ؛ لأن في جداره القبلي من خارجه حجرا فيه : أمرت أمّ جعفر بنت أبي الفضل أمّ ولاة عهد المسلمين بعمارة مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالطائف. وفيه أن ذلك سنة اثنتين وسبعين ومائة ، قال : والمسجد الذي فيه قبر ابن عباس أظن أن المستعين العباسي عمره مع ضريح ابن عباس ، انتهى. فإن كان المسجد الذي ذكر الفاسي أنه في مؤخر الجامع المذكور في صحنه فلا مخالفة فيه لما ذكره المطري ، وإلّا فيخالفه.
قال المطري : ورأيت بالطائف شجرات من شجر السّدر يذكر أنهن من عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ينقل ذلك خلف أهل الطائف عن سلفهم ، فمنهن واحدة دور جذرها خمسة وأربعون شبرا ، وأخرى أزيد على الأربعين ، فأخرى سبعة وثلاثون ، وأخرى يذكر أن النبي صلىاللهعليهوسلم مر بها وهو على راحلته فانفرق جذرها نصفين ، وأن ناقته دخلت من بينهما وهو ناعس ، قال : رأيتها قائمة كذلك سنة ست وتسعين ، وأكلت من ثمرها ، وحملت منه للبركة ، ثم في سنة تسع وعشرين وسبعمائة رأيتها وقعت ويبست وجذرها ملقى لا يغيره أحد لحرمته بينهم ، انتهى.
وكأنه بقي منها بقية ؛ فإن التقي الفاسي ذكرها ، وقال : إنها انفرجت للنبي صلىاللهعليهوسلم نصفين لما اعترضته وهو سائر وسنان ليلا في غزوة الطائف وثقيف على ساقين ، على ما ذكر ابن فورك فيما حكى عنه عياض في الشفاء ، وبعض هذه السّدرة باق إلى الآن ، والناس يتبركون به ، انتهى.
وقال المرجاني : ورأيت بوجّ من قرى الطائف سدرة محاذية للجبر قريبة أيضا يذكر أن النبي صلىاللهعليهوسلم جلس تحتها حين أتاه عديس بالطبق العنب وأسلم ، وقالوا : سحره محمد ، والقصة مشهورة ، قال : ورأيت في جبل هناك عند آخر الحبرة تحته العين يذكر أنه صلىاللهعليهوسلم جلس فيه ، انتهى.
وعن الزبير قال : أقبلنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم من بلية ـ قال الحميدي : مكان بالطائف ـ