وهو ما ارتفع واستدار كالقبة ـ قال : وكان لعبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان الناحية الأخرى المراجل وقصر أمية والمنيف والآبار التي هناك والمزارع ، فاستفتى عبد الله عبد الله ابن عبد الله بن عمرو علي عروة وقال : إنه حمل على حق السلطان ، فهدم عمر بن عبد العزيز جنابذه وضفائره ، وسد بئاره ، فقدم رجل من آل خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية يريد الوليد ، فسأل عن عروة ، فأخبر قصته ، فقدم على الوليد فسأله عن عروة وحاله ، فأخبره ، فكتب إلى عمر بن عبد العزيز ما عروة ممن يتّهم فدعه وما انتقص من حق السلطان ، فبعث إليه عمر وقال : كتبت فيّ إلى أمير المؤمنين؟ فقال : ما فعلت ، فقال : اذهب فاصنع ما بدا لك فقال عروة : جزعوا من جنابذ نبنيها ، والله لأبنينه بناء لا يبلغونه إلا بشقّ الأنفس ، فبنى قصره هذا البناء ، وهيل بثاره ، فقال له ابنه عبد الله : يا أبتاه لو تبدّلت بثارا فاحتفرتها لكان أهون في العزم ، فقال : لا والله إلا هي بأعيانها وأنشأ عروة يقول :
بنيناه فأحسنّا بناه |
|
بحمد الله في خير العقيق |
نراهم ينظرون إليه شزرا |
|
يلوح لهم على وضج الطّريق |
فساء الكاشحين وكان غيظا |
|
لأعدائي وسرّ به صديقي |
يراه كلّ مرتفق وسار |
|
ومعتمر إلى بيت العقيق |
وعن مصعب بن عثمان قال : لما كتب الوليد إلى عمر بن عبد العزيز في ذلك ولي عروة عمر بن عبد الله بن عروة بناء قصره ، فلما كثرت النفقة فيه لقيه عمه يحيى بن عروة فقال : يا ابن أخي ، كم أنفقت في القصر؟ قال : كذا وكذا ، قال : هذه نفقة كثيرة لو علم أبي بها لاقتصر في بنائه ، فأخبره بذلك ، فأخبر عمر جده ، فقال : لقيك يحيى؟ قال : نعم ، قال : إنما أراد أن يعوق عليّ بنائي ، أنفق ولا تحسب ، فأنفق ولم يحسب حتى فرغ ، وحفر بئارا إحداهن بئر السقاية ، وبئر يدعى العسيلة ، وبئر القصر.
وقال مصعب : وسبب هدم عمر بن عبد العزيز وتهوره البئر أن عروة أراد أن يرفع في رأس عينه محلا فمنعه عبد الله بن عمرو بن عثمان إلا أن يسأله ذلك ، وكان له حقيق به ، فقال عروة : مثلى يكلّف ذلك؟ وتركها ، فلما بنى عبد الله قصره المراجل وعمل مزارعه عمل له خليجا ، فلما بلغ به مزارع عروة حال بينه وبين ذلك ، فاستفتى عبد الله بن عبد الله عمر بن عبد العزيز على عروة ، وقال : بنى وحفر في غير حقه ، وكانت جنابذه سبعا ، وكانت الركبان ينزلون على بئر مروان ، فلما حفر عروة بئره وأعذب اختاروا السهل والعذوبة فتركوا النزول على بئر مروان وكان في نفس عمر بن عبد العزيز شيء من ذلك ، مع ما كان في نفسه على جميع بني الزبير.