حتى يخرج على بني حديلة ، والمسجد ببطن مهزور ، وآخره كومة أبي الحمرة ، ثم يمضي فيصبّ في وادي قناة ، انتهى.
ومقتضاه أن الشعبة التي تجتمع من مهزور بمذينب بالفضاء المذكور تسقى بعد ذلك ، فكأنها صرفت عن جهة الصدقات إلى بطحان ، أو أن كلامه مؤوّل ؛ لأن المعروف اليوم أن الشعبة التي تلق مذينب من مهزور تصبّ بعد اجتماعهما في بطحان كما سبق ، والذي يسقي ما ذكر من الصدقات ويمر بالبقيع إنما هو شعبة أخرى من مهزور ، ولا تجتمع بمذينب ، بل تمر على الصافية وما يليها من الصدقات ، ثم تغشى بقيع الغرقد والنخيل التي حوله خصوصا الجزع المعروف بالحضاري ، فاتخذ لذلك شيخ الحرم الزيني مرجان التقوى حفظه الله تعالى طريقا إلى بطحان ، وحفر له مجرى من ناحية الصدقات ، فصارت الشعبة المذكورة تصب أيضا في بطحان ، ولا تمر بالبقيع ، ولم يتعرض ابن شبة للشعبة التي تشق من مهزور إلى العريض وهو معظمه بسبب السد المبني هناك ، وقد اقتصر عليها المطري فقال : مهزور شرقي العوالي ، شمالي مذينب ، ويشق في الحرة الشرقية إلى العريض ، ثم يصب في وادي الشظاة.
قال الزين المراغي عقب نقله : وكأن حرّة شوران أي المذكورة في كلام ابن زبالة هي الحرة الشرقية.
وقال ابن شبة : وكان مهزور سال في ولاية عثمان رضي الله تعالى عنه سيلا عظيما على المدينة خيف على المدينة منه الغرق ، فعمل عثمان الردم الذي عند بئر مدري ليرد به السيل عن المسجد وعن المدينة.
وذكره ابن زبالة فقال : وأما الدلال والصافية فيشربان من سرح عثمان بن عفان الذي يقال له مدري الذي يشق من مهزور في أمواله ويأتي على أريس وأسفل منه حتى يتبطن الصورين ، فصرفه مخالفة على المسجد في بئر أريس ، ثم في عقد أريم ثم في بلحارث بن الخزرج ، ثم صرفه إلى بطحان ، انتهى.
وقال ابن شبة عقب ما تقدم : ثم سال وعبد الصمد بن علي وال على المدينة في خلافة المنصور سنة ست وخمسين ومائة ، فخيف منه على المسجد فبعث إليه عبد الصمد عبيد الله بن أبي سلمة العمري ، وهو على قضائه ، وندب الناس فخرجوا إليه بعد العصر ـ وقد طغي وملأ صدقات النبي صلىاللهعليهوسلم ـ فدلوا على مصرفه ، فحفروا في برقة صدقة النبي صلىاللهعليهوسلم ، فأبدوا عن حجارة منقوشة ففتحوها فانصرف الماء فيها وغاض إلى بطحان. دلهم على ذلك عجوز مسنة من أهل العالية ، قالت : إني كنت أسمع الناس يقولون : إذا خيف على القبر من سيل مهزور فاهدموا من هذه الناحية ، وأشارت إلى القبلة ، فهدمها الناس فأبدوا عن تلك الحجارة ، انتهى.