قال الزين المراغي : وذلك قبل اتخاذ الموضع مسجدّا ، أو كان الإعلام بنجاسة الخمر بعد ذلك لكن المشهور تحريم الخمر في شوال سنة ثلاث ، ويقال أربع ، وعليه يتمشى ؛ لأن غزوة بني النّضير سنة أربع على الأصح.
قلت : الحديث إنما تضمّن صلاة النبي صلىاللهعليهوسلم بذلك المحل في حصار بني النضير ، ولا يلزم من ذلك اتخاذه مسجدّا حينئذ ؛ فيجوز أن يكون بناؤه مسجدّا تأخر إلى أن حرّمت الخمر ، على أن أحمد روى في مسنده من حديث ابن عمر أن النبي صلىاللهعليهوسلم يعني أتى بفضيخ في مسجد الفضيخ فشربه ، فلذلك سمي مسجد الفضيخ.
ورواه أبو يعلى ولفظه : أتى بجر فضيخ ينشّ (١) وهو في مسجد الفضيخ فشربه ، فلذلك سمي مسجد الفضيخ ، وفيه عبد الله بن نافع مولى ابن عمر ، ضعّفه الجمهور ، وقيل فيه : يكتب حديثه ، وهو أولى بالاعتماد في سبب تسمية المسجد المذكور بذلك ؛ لأن ابن زبالة ضعيف ، وأما ابن شبة فرواه من طريق عبد العزيز بن عمران وهو متروك ، ولم أر في كلام أحد من المتقدمين تسمية المسجد المذكور بمسجد الشمس.
وقال المجد : لا أدري لم اشتهر بهذا الاسم ، ولعله لكونه على مكان عال في شرقي مسجد قباء أول ما تطلع الشمس عليه ، قال : ولا يظن ظانّ أنه المكان الذي أعيدت الشمس فيه بعد الغروب لعلي رضي الله تعالى عنه ؛ لأن ذلك إنما كان بالصّهباء من خيبر ، قال عياض في الشفاء : كان رأس النبي صلىاللهعليهوسلم في حجر علي رضي الله تعالى عنه وهو يوحي إليه ، فغربت الشمس ولم يكن عليّ صلى العصر ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : أصلّيت يا علي؟ قال : لا ، فقال : اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك ، فاردد عليه الشمس ، قالت أسماء : فرأيتها غربت ثم رأيتها طلعت بعد ما غربت ، ووقعت على الجبال والأرض وذلك بالصهباء في خيبر ، قال عياض : خرّجه الطحاوي في مشكل الحديث ، وقال : إن أحمد بن صالح كان يقول : لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلف عن حفظ حديث أسماء ؛ لأنه من علامات النبوة.
قال المجد : فهذا المكان أولى بتسميته بمسجد الشمس دون ما سواه ، وصرح ابن حزم بأن الحديث موضوع ، قال : وقصة ردّ الشمس على عليّ رضي الله تعالى عنه باطلة بإجماع العلماء وسفه قائله.
قلت : والحديث رواه الطبراني بأسانيد قال الحافظ نور الدين الهيتمي : رجال أحدها رجال الصحيح ، غير إبراهيم بن حسن ، وهو ثقة ، وفاطمة بنت علي بن أبي طالب لم أعرفها ، انتهى.
وأخرجه ابن منده وابن شاهين من حديث أسماء بنت عميس ، وابن مردويه من
__________________
(١) ينش : يغلي ويفور.