يا للرّجال ليوم الأربعاء أما |
|
ينفكّ يحدث لي بعد النهي طربا |
ما إن يزال غزال فيه يظلمني |
|
يهوى إلى مسجد الأحزاب منتقبا |
يخبّر الناس أنّ الأجر همّته |
|
وما أتى طالبا للأجر محتسبا |
لو كان يبغي ثوابا ما أتى ظهرا |
|
مضمخا بفتيت المسك مختضبا |
وفي كلام الزبير بن بكار ما يقتضي نسبة هذه الأبيات مع زيادة فيها لعبد الله بن مسلم بن جندب الهذلي ، وأنه كان إمام المسجد المذكور فإنه قال : ولما ولي الحسن بن زيد المدينة منع عبد الله بن مسلم بن جندب الهذلي أن يؤمّ الناس في مسجد الأحزاب ، فقال له : أصلح الله الأمير لم منعتني مقامي ومقام آبائي وأجدادي قبلي؟ قال : ما منعك منه إلا يوم الأربعاء ، يريد قوله :
يا للرّجال ليوم الأربعاء
وذكر الأبيات الأربعة المتقدمة وزاد عقبها أربعة أخرى ، وهي :
فإن فيه لمن يبغي فواضله |
|
فضلا وللطالب المرتاد مطلبا |
كم حرّة درّة قد كنت آلفها |
|
تسدّ من دونها الأبواب والحجبا |
قد ساغ فيه لها مشي النهار كما |
|
ساغ الشراق لعطشان إذا شربا |
اخرجن فيه ولا ترعين ذا كذب |
|
قد أبطل الله فيه قول من كذبا |
قال المجد : وأما تسميته يعني المسجد الأعلى بمسجد الفتح فمحتمل أنه سمّي به لأنه أجيبت فيه دعوة النبي صلىاللهعليهوسلم على الأحزاب ، فكان فتحا على الإسلام أو أنزل الله عليه صلىاللهعليهوسلم سورة الفتح هناك ، انتهى.
قلت : وبالثاني جزم ابن جبير في رحلته ، لكن جاء في خبر أن النبي صلىاللهعليهوسلم «كان قد تقنّع بثوبه يوم الخندق واضطجع لما أتاه أصحابه بخبر بني قريظة ، ثم إنه رفع رأسه فقال : بشروا بفتح الله ونصره» كما في مغازي ابن عقبة ، فلعل ذلك كان في موضع هذا المسجد ، فسمي بذلك لوقوع البشارة بالفتح فيه.
وأيضا فقد روى القرطبي ما يقتضي أن النبي صلىاللهعليهوسلم لما أرسل حذيفة ليأتيه بخبر الأحزاب كان بمحل هذا المسجد.
وقد قال ابن عقبة : إن حذيفة لما رجع وجد النبي صلىاللهعليهوسلم قائما يصلي ، ثم انصرف إليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبره الخبر ، فأصبح رسول الله صلىاللهعليهوسلم والمسلمون قد فتح الله عزوجل لهم وأقر أعينهم ، اه.
وروى ابن شبة عن أسيد بن أبي أسيد عن أشياخهم أن النبي صلىاللهعليهوسلم «دعا على الجبل الذي عليه مسجد الفتح ، وصلّى في المسجد الصغير الذي بأصل الجبل على الطريق حين يصعد الجبل». وروى ابن زبالة عن معاوية ابن عبد الله بن زيد ، نحوه.