١ ـ ٣ ـ ٣ ـ حدّ البلاغة عند الرّماني (ت ٣٨٦ ه):
قال الرّماني (١) «البلاغة : إيصال المعنى إلى القلب في أحسن صورة من اللفظ» فالبلاغة تعني توصيل المعنى وتمكينه في قلوب المتلقين من طريق إلباسه الصورة الجميلة من اللفظ الذي يفتن الألباب.
وهكذا نرى أن المصطلح تطوّر في هذ التعريف ليكتسب خصوصية لم يكتسبها سابقا. فلم تعد البلاغة بأوصافها ، بل أخذت تحديدا واضحا ودقيقا بقي متداولا في كتب اللاحقين ، يضيفون عليه ولكنّهم حافظوا على كنهه وفحواه.
١ ـ ٣ ـ ٤ ـ أبو هلال العسكري (ت ٣٩٥ ه) يتوسّع في تعريفها :
استعان العسكري بالدلالة اللغوية لفهم مصطلح البلاغة عند ما ذكر سبب التسمية قائلا : «سميّت البلاغة بلاغة لأنها تنهي المعنى إلى قلب السامع فيفهمه» (٢) ورأى أنها (٣) «من صفة الكلام لا من صفة المتكلّم ... وتسميتنا المتكلّم بأنه بليغ توسّع. وحقيقته أن كلامه بليغ».
وبعد توضيح الفصاحة معجميا ذهب إلى أن (٤) «الفصاحة والبلاغة ترجعان إلى معنى واحد وإن اختلف أصلاهما ؛ لأن كل واحد منهما إنما هو الإبانة عن المعنى والإظهار له» ويستهل الفصل الثاني من الصناعتين بتعريف واف للبلاغة جاء فيه «البلاغة كل ما تبلّغ به المعنى قلب السامع ، فتمكّنه في نفسه كتمكّنه في نفسك مع صورة مقبولة ومعرض حسن».
__________________
(١). الرّماني ، النكت في اعجاز القرآن (ثلاث رسائل في إعجاز القرآن ، تحق : محمد خلف الله أحمد ومحمد زغلول عبد السلام ، دار المعارف ط / ٣ ص ٧٥ ـ ٧٦).
(٢). العسكري ، كتاب الصناعتين ، تحق البجّاوي ـ ابراهيم ، ص ١٢.
(٣). م. ن. ص ١٢.
(٤). م. ن. ص ١٣.