فاحترثت البلاد ، وأهلكت العباد ، فسبحان من يهلك القويّ الأكول ، بالضّعيف المأكول.
فالزيادة قليلة في أجزاء هذه السجعات إن وجدت.
ومن السجع الحسن ما تكون ألفاظ الجزءين المزدوجين مسجوعة ، فيكون الكلام سجعا في سجع ، كقول أحدهم : حتى عاد تعريضك تصريحا ، وتمريضك تصحيحا. فالسجع في (تعريضك وتمريضك) وفي (تصريحا وتصحيحا). فالكلام سجع في سجع.
ومثاله قوله تعالى (إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ* ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ) الغاشية : ٢٥ ـ ٢٦.
فالسجع في (إلينا ـ علينا ، إيابهم ـ حسابهم).
وهذا الضرب من السجع إذا سلم من الاستكراه أحسن وجوه السجع عند أبي هلال العسكري.
٥ ـ موقف النقّاد منه :
تباينت آراء النقّاد من السجع فمنهم من دعا إلى تجنّبه لما فيه من تكلّف وتشبّه بكهّان الجاهلية والمتنبئين الكذبة بعد الاسلام. ومنهم من رأى فيه وجها من وجوه البلاغة بعد أن ورد في القرآن الكريم وأقوال النبي (ص). وإنما كان مكروها في سجع الكّهان لمعانيه لا لمبناه.
قال العسكري (١) «كان (صلعم) ربّما غيّر الكلمة عن وجهها للموازنة بين الألفاظ وإتباع الكلمة أخواتها ، كقوله (صلعم) : أعيذه من الهامّة ، والسامّة ، وكل عين لامّة. وإنما أراد ملمّة ، وقوله عليهالسلام :
__________________
(١). كتاب الصناعتين ، أبو هلال العسكري ، ص ٢٦٧.