وهكذا فإن الاقتباس عند البلاغيين محصور بالقرآن الكريم ، والحديث الشريف.
٣ ـ الاقتباس من القرآن الكريم :
قال الحريري (١) : «فلم يكن إلّا كلمح البصر أو هو أقرب ، حتّى أنشد فأغرب» فالحريري اقتبس جزءا من سورة النحل (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) النحل : ٧٧.
وكقول الحريري أيضا : «أنا أنبّئكم بتأويله وأميز صحيح القول من عليله» فقد اقتبس الحريري جزءا من الآية ٤٥ من سورة يوسف التي جاء فيها (وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ.)
وقال القاضي الفاضل وقد ذكر الإفرنج «وغضبوا زادهم الله غضبا ، وأوقدوا نارا للحرب جعلهم الله لها حطبا» فاقتبس جزءا من الآية ٦٤ من سورة المائدة (.. وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ)
ومن أمثلة اقتباس الشعراء من القرآن الكريم. من ذلك قول الأحوص (الطويل) :
إذا رمت عنها سلوة قال شافع |
|
من الحبّ : ميعاد السّلوّ المقابر |
ستبقى لها في مضمر القلب والحشا |
|
سريرة ودّ يوم تبلى السرائر |
لقد اقتبس الأحوص الآية ٩ من سورة الطارق التي تقول : (يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ.)
__________________
(١). م. ن. ص ٥٧٥.