لنبحث في هذين المشهدين المتقابلين عن عناصر تشبيه التمثيل : فبين المشيب وبقايا النار جامع البياض المشرب بالسواد الخجول.
والمشيب يأتي على الشعر بأكمله تدريجيا والنار تلتهم كل ما يقف بوجهها تدريجيا أيضا.
الشّيب يبدأ بشعرة واحدة والحريق العظيم تبدؤه شرارة صغيرة وهكذا فإن تشبيه التمثيل هذا يتكوّن من :
تشبيه (١) وفيه : مشبه (١) + مشبّه به (١) + وجه شبه (١)
تشبيه (٢) وفيه : مشبه (٢) + مشبّه به (٢) + وجه شبه (٢)
تشبيه (٣) وفيه : مشبه (٣) + مشبّه به (٣) + وجه شبه (٣)
والخلاصة أن تشبيه التمثيل مكوّن من مشبّه متعدّد+ وجه شبه متعدّد+ مشبّه به متعدّد.
ولهذا كان تشبيه التمثيل محتاجا إلى عمليّات ذهنية متلاحقة لفكّ أجزائه والتعرّف إلى التماثل القائم بين هذه الأجزاء. فالصورة فيه أشبه بالومضات (فلاش) المتلاحقة التي تجسّد في النهاية صورة متكاملة ولهذا كانت الصورة مشهدا متتابعا ، ويجب التنبّه إلى أن المعوّل عليه في التعدّد هو وجه الشّبه فقط.
وقال ابن المعتزّ (الوافر) :
كأنّ سماءنا لمّا تجلّت |
|
خلال نجومها عند الصّباح |
رياض بنفسج خضل نداه |
|
تفتّح بينه نور الأقاحي |
في البيتين مشهدان متفقان في وجوه عديدة. يتكوّن المشهد الأوّل من الأجزاء الآتية.
تجلّت السّماء صباحا وقد انتشرت نجومها فبدت زرقاء بيضاء صفراء.