لكن الموضوع البلاغي الذي شغله كثيرا هو موضوع المجاز الذي أفرد له بابا مستقلّا أكد فيه إيمانه بوجود المجاز في اللغة أولا وفي القرآن ثانيا ، وعدّد الأمثلة التي تثبت شيوعه في اللغة. وكان بحثه في المجاز توطئة للكلام على الاستعارة جاعلا المجاز المرسل منضويا تحتها وكذلك الأمر بالنسبة إلى الكناية. ورأى أن الالتفات من أساليب البلاغة العربية.
٢ ـ ١ ـ ٤ ـ كتاب النكت في إعجاز القرآن للرّماني (ت ٣٨٤ ه):
من أهم موضوعات البلاغة في هذا الكتاب قول المؤلف (١) «والبلاغة على عشرة أقسام : الإيجاز ، والتشبيه ، والاستعارة ، والتلاؤم ، والفواصل ، والتجانس ، والتصريف ، والتضمين ، والمبالغة ، وحسن البيان».
وقد جاء كلامه على هذه الأقسام متفاوتا إذ شغلت الأمثلة والشواهد حيّزا كبيرا من الكلام ، أما التعريفات البلاغية فكانت غاية في الإيجاز.
وفي سياق الحديث عن الإيجاز تطرّق إلى الإطناب والتطويل ، مثنيا على الإطناب لأنه يفصّل المعنى وفقا للمقام. أما التطويل فليس من البلاغة في شيء لأنه تكلف الكثير من الكلام للقليل من المعاني.
وقد ذهب الرماني إلى أن الشعراء يتفاضلون في باب التشبيه ، وهو على كل حال على طبقات من الحسن. كما رأى أن الاستعارة أبلغ من الحقيقة نظرا لأثرها النفسي في المتلقّين. وقد فاضل بين الفواصل والسجع مشيدا بالفواصل لأنّها تابعة للمعاني في حين كانت المعاني تابعة للأسجاع.
__________________
(١). الرمّاني ، النكت في إعجاز القرآن ضمن ثلاث رسائل في إعجاز القرآن ، ص ٨٢.