فالتعريف ركّز على العلاقة القائمة بين التشبيه والاستعارة لأن الاستعارة أساسا تشبيه حذف أحد طرفيه (المشبه أو المشبه به).
وهي في معجم المصطلحات العربية اقتباس قول السكّاكي (١) : «هي تشبيه حذف منه المشبّه به او المشبه ، ولا بدّ أن تكون العلاقة بينهما المشابهة دائما ، كما لا بدّ من وجود قرينة لفظية أو حالّية مانعة من إرادة المعنى الأصلي للمشبّه به أو المشبّه».
ولم يبعد تعريف الجرجاني عن هذا عندما قال (٢) : «اعلم أنّ الاستعارة في الجملة أن يكون لفظ الأصل في الوضع اللغوي معروفا تدلّ الشواهد على أنه اختص به حين وضع ، ثم يستعمله الشاعر او غير الشاعر في غير ذلك الأصل ، وينقله اليه نقلا غير لازم ، فيكون هناك كالعاريّة».
واضح من هذه التعريفات انّ الاستعارة مجاز تنزاح فيها الدّلالة عن المعنى الاساسي للفظ الى أحد المعاني الإضافية. ولهذا ذهب المحدثون الى أنها أبلغ من التشبيه (٣) : «لأن التشبيه مهما تناهي في المبالغة ، فلا بدّ فيه من ذكر المشبّه والمشبّه به. وهذا اعتراف بتباينهما ، وأنّ العلاقة ليست الا التشابه والتداني ، فلا تصل الى حدّ الاتحاد ، بخلاف الاستعارة ففيها دعوى الاتحاد والامتزاج ، وان المشبه والمشبه به صارا معنى واحدا» وكلام الهاشمي هذا استكمال لما بدأه الجرجاني بقوله (٤) : «وهي أمدّ ميدانا ، وأشدّ افتنانا ، وأكثر جريانا ، وأعجب حسنا وإحسانا ، وأوسع سعة ، وأبعد غورا ، وأذهب نجدا في
__________________
(١). معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب ، وهبة ـ المهندس ، ص ١٩.
(٢). اسرار البلاغة ، عبد القاهر الجرجاني ، ص ٢٢.
(٣). جواهر البلاغة ، السيّد احمد الهاشمي ، ص ٣٠٣ ـ ٣٠٤.
(٤). أسرار البلاغة ، عبد القاهر الجرجاني ، ص ٣٢.