فالشاعر شبّه هؤلاء بمن يشعل نارا ليضيء درب غيره وتبقى دربه مظلمة أو بمن يحتطب لينتفع غيره بما يحتطب. ففي كلّ من الصّدر والعجز استعارة تمثيلية.
ومنها أيضا قول المتنبّي (الوافر) :
ومن يك ذا فم مرّ مريض |
|
يجد مرّا به الماء الزلالا. |
يصاب الإنسان المريض بمرارة في فمه حتى إذا شرب الماء العذب تذوّقه مرّا كالحنظل. ولكنّه لم يقصد هذا المعنى الظاهر من البيت بل قصد فيه حسادّه وعائبي شعره فنسب هذا العيب الى ذوقهم الشعرّي المريض وضعف إدراكهم الأدبي. فالمشبّه هنا حال حسّاده والمشبّه به حال المريض الذي يجد الماء الزّلال مرّا. لهذا كانت الاستعارة تمثيلية.
ومنها ما جاء في المثل «قطعت جهيزة قول كلّ خطيب».
وأصل المثل أنّ قوما اجتمعوا يتشاورون في قضيّة الثأر لأحد قتلاهم وبينما هم يتشاورون جاءت فتاة اسمها جهيزة وأخبرتهم أن القاتل قد قتل ، فقال أحد المتحاورين : قطعت جهيزة قول كلّ خطيب. وهو تركيب يتمثّل به في كل موطن يؤتى فيه بالقول الفصّل. فالمشبّه والمشبّه به صورة منتزعة من متعدّد.