فالآية الثانية شارحة وموضّحة ، وأوفى بتأدية المعنى من الأولى. فهي واقعة موقع بدل الكل من الأولى ، ولذا ترك العطف لقوّة الربط بين الجملتين.
ـ وقال تعالى (وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ* اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ) يس : ٢٠ ـ ٢١. فالآية الثانية بدل اشتمال من الأولى ، لأنّ المراد من الأولى حمل المخاطبين على اتباع الرسل ، والثانية أوفى لأن معناها : لا تخسرو شيئا من دنياكم وتربحو صحّة دينكم ، فيكون لكم جزاء الدنيا والآخرة ، فترك العطف بين الجملتين لقوّة الربط بينهما.
ـ وقال تعالى (وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ) البقرة : ٤٩. فصلت جملة (يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ) عن (يَسُومُونَكُمْ) لأن الثانية موضّحة للأولى فكانت بمنزلة عطف البيان ، لذلك ترك العطف لقوّة الربط بينهما ، لأن عطف البيان لا يعطف على متبوعه.
٢ ـ كمال الانقطاع.
وهو ان يكون بين الجملتين تباين تام. وأوضح ما يكون ذلك إذا تقاطعتا :
١ ـ خبرا وإنشاء :
نحو (وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) الحجرات : ٩. فصلت الجملة الثانية عن الأولى لأن الأولى (وَأَقْسِطُوا) إنشائية لفظا ومعنى ،