والإفراط في الصفة ، وحسن التشبيه ، وإعنات الشاعر نفسه في القوافي وتكلفه ، وحسن الابتداءات. والملاحظ أن المحدثين قد جعلوا الكثير من هذه المحاسن أبوابا من البديع.
والملاحظ أن ابن المعتز قد جمع فيه أبواب البلاغة بعلومها الثلاثة ، وربما كان سبب ذلك تعريفه الضبابي للبديع الذي رأى أن (١) «البديع اسم موضوع لفنون من الشعر ، يذكرها الشعراء ونقاد المتأدبين منهم ، فأما العلماء باللغة والشعر القديم فلا يعرفون هذا الاسم ، ولا يدرون ما هو». ولهذا قال أحد النقاد المعاصرين (٢) «وليس لكلمة البديع التي جاءت في عنوان الكتاب صلة بما سماه البلاغيون في العصور المتأخرة (علم البديع) ... وإنما المقصود بها ألوان طريفة من التعبير لم تكن شائعة مألوفة في استعمالات الشعراء والكتاب». وعلى الرغم من ذلك يبقى الكتاب من أولى المحاولات الجادة في تدوين علم البديع. والعلوم لا تبدأ مكتملة بل هي تتكامل وتتماهى باطّراد وتستقل بعد نضجها وصلابة عودها.
ثم جاء بعده قدامة بن جعفر (ت ٣٣٧ ه) فألف كتابا عنوانه (نقد الشعر) يقع في ثلاثة فصول أورد فيها سبعة وعشرين نوعا من أنواع البديع اتفق فيها مع ابن المعتز في سبعة أنواع فقط ، وانفرد بعشرين نوعا. وقد اختلفا أحيانا في التسمية ، فما سمّاه قدامة (المبالغة) ورد عند ابن المعتز تحت مصطلح (الإفراط في الصفة) وما سماه (التكافؤ) سمّاه ابن المعتز (المطابقة) ، وما سماه (المطابق) و (المجانس) سماه ابن المعتز (التجنيس). واختلفا في دلالة الالتفات.
__________________
(١) البديع ، ابن المعتز ، ص ١٥١ ـ ١٥٢.
(٢) البحث البلاغي عند العرب ، د. شفيع السيد ، ص ٦٩.