الترتيب : ففعل المدام في مقلتيه ، ولونها في وجنتيه (خدّيه) ، ومذاقها (طعمها) في ريقه. وهكذا كان اللّف في صدر البيت ، ثم جاء النشر في العجز على الترتيب أوّلا بأوّل.
ب ـ أن يكون النّشر على خلاف ترتيب الطيّ
، ومثاله قوله تعالى : (وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ* فَآتاهُمُ اللهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) آل عمران : ١٤٧ ـ ١٤٨.
فالآية تذكر دعاء المؤمنين على سبيل التفصيل ثم ذكرت الإجابة من غير ترتيب ، فقدّمت ثواب الدنيا مع تأخره في الدعاء لما كان المقام مقام القتال والنفوس متطلّعة إلى النصر ، وخصّصت ثواب الآخرة ـ دون ثواب الدنيا بالحسن للإيذان بفضله ومزيته ، وأنّه المعتدّ به عند الله.
ومنه قول ابن حيّوس (الخفيف) :
كيف أسلو ، وأنت حقف وغصن |
|
وغزال لحظا وقدّا وردفا |
يتساءل الشاعر قائلا : كيف أنسى وتطيب نفسي بالسلوان وأنت حقف (نقا رمل متراكم مستدير يشبّه به الكفل في العظم والاستدارة) وغصن وغزال؟ فهذا هو الطيّ ، ثم جاء النّشر بعد ذلك على غير ترتيب. فاللحظ للغزال والغزال آخر في الطيّ واللحظ أوّل في النشر ، ثم جاء القدّ ، والقدّ ثان في النشر وثان في الطيّ لأنه شبّه القدّ بالغصن ، والجزء الثالث من النشر كان الرّدف وقد شبّهه بالحقف والحقف جاء أوّلا في الطيّ وهكذا جاء النّشر على غير ترتيب الطيّ.