بدأ ابن الرومي مدحه بأن نفى كلّ عيب عن الممدوح عند ما قال «ليس به عيب» ، ولكنه أتبع هذا المدح بلفظ الاستثناء (سوى) ، فأوهم السامع أنه تراجع عن تبرئة الممدوح من كل عيب ، وأنّه سيكاشفه بعيب اكتشفه فوجب ذكره. غير أن ابن الرومي خدع سامعه حين أورد بعد الاستثناء مدحا يفوق المدح الأول ، ويؤكده حين قال : «لا تقع العين على شبهه» فهو مبرّأ من كل عيب ، ولن ترى العين شبيها له في كماله.
ب ـ أن يثبت لشيء صفة مدح ، ويعقب بأداة استثناء تليها صفة مدح أخرى ، نحو ، قول النابغة الجعدي (الطويل) :
فتى كملت أخلاقه غير أنّه |
|
جواد فما يبقي على المال باقيا |
فالشاعر بدأ بيته بصفة ممدوحة هي «كمال أخلاق الفتى» ، ولكنّه أتى بعدها بلفظ الاستثناء (غير) ، فدهش السامع وتوقّع أن يذكر الشاعر ما يناقض الكمال الذي استهلّ البيت بذكره. لكنّ الشاعر لم يفعل ذلك ، بل أتى بعد الاستثناء بصفة ممدوحة أخرى ، وهي «جواد» وفصّلها بقوله : فما يبقي على المال باقيا. وفي ذلك توكيد للمدح الأوّل.