إن خروج ورقة البنفسج إلى الخلف وصف ثابت في زهرة البنفسج ، وهذا الخروج لا علّة له لأنه هكذا خلق منذ عرف البنفسج ، لكنّ الشاعر التمس له عذرا طريفا هو الافتراء على المحبوب.
٢ ـ القسم الثاني : وصف ثابت ظاهر العلّة :
مثاله قول المتنبّي (الرّمل) :
ما به قتل أعاديه ، ولكن |
|
يتّقي إخلاف ما ترجو الذئاب |
اعتاد الناس أن يعلّلوا قتل الملوك والسلاطين لأعدائهم بنشدانهم صفاء الجوّ وعدم تعكير الأمن بالثورة أو التمرّد أو ما يشبه ذلك ، ولكن الشاعر فاجأهم بتعليل آخر غريب وغير متوقع تمثّل في خوف الملك والسلطان على الذئاب الضارية التي ترتقب أكل جثث القتلى المتساقطة تحت ضربات الملك فيوفّر لها طعامها ، ويخاف الملك أو السلطان أن يخيّب رجاءها لذلك فهو شديد الفتك بالأعداء لا كرها بهم أو خوفا منهم على ملكه لكن رغبة في توفير طعام للكواسر التي لا يريد إصابتها بخيبة أو صدمة وهي التي عودّها على توفير غذائها كلّما جرّد للعدو سلاحا.
ومنه قول أحدهم (المتقارب) :
أتتني تؤنّبني بالبكا |
|
فأهلا بها وبتأنيبها |
تقول ـ وفي قولها حشمة ـ |
|
أتبكي بعين تراني بها؟! |
فقلت : إذا استحسنت غيركم |
|
أمرت الدموع بتأديبها |
تسكب العين دمعها عادة من حزن يسببه إعراض الحبيب وهجرانه ، وفقدان عزيز وما إلى ذلك من أسباب الاكتئاب ، لكن الشاعر ابتكر علّة طريفة غير متوقّعة لتهطال الدمع تمثّلت في إرادة تأديب عينه